الرد على قرار المحكمة الدوليَّة

نرمين المفتي

 

اصدرت محكمة العدل الدولية، نهاية الأسبوع الماضي، قرارها الذي انتظره العالم بشأن دعوى حرب الاِبادة، التي يشنها الكيان الصهيوني ضد الفلسطينيين والتي رفعتها دولة جنوب أفريقيا.
لم يكن القرار كما توقعناه، أي لم يأمر بوقف الإبادة، لكنه كان جريئا وأكد أن لا دولة فوق القانون الدولي، حتى ان كانت مدعومة من عدد من دول الفيتو.
يطالب القرار الكيان الصهيوني “بمنع ومعاقبة التحريض على الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين”، وطالبته بتقديم تقرير إلى المحكمة خلال شهر من صدور القرار حول الإجراءات التي سيتخذها بالتعامل مع المدنيين.
وقالت رئيسة المحكمة خلال النطق بالحكم إنه “يتعين على (إسرائيل) اتخاذ جميع الإجراءات في حدود سلطتها لمنع قواتها من ارتكاب أعمال إبادة جماعية ومعاقبتها على ذلك، بالإضافة إلى اتخاذ الخطوات اللازمة، لتحسين الوضع الإنساني في غزة”.
وبرغم هذا، أي أن القرار لم يكن كما توقعناه، وبرغم محاولات الصهاينة بالتظاهر بأن القرار لم يدنهم، إلا أن تصريحات المسؤولين عبرت عن مدى تضرر سمعتهم من هذا القرار.
اذ وصف زعيم المعارضة بن غفير محكمة العدل الدولية بأنها “معادية السامية”.
وقال نتنياهو بأن “مناقشتها لمزاعم الإبادة الجماعية ضد (إسرائيل) وصمة عار لن تمحى”.. هكذا تصريحات ماهي إلا تأكيد آخر بأنهم وبرغم تبججهم بأن القرارات لن تؤثر عليهم، قد اكتشفوا بأنهم في طريقهم عاجلا أو آجلا إلى المحاسبة، ولا بد عليهم تطبيق ما طلبته منهم المحكمة، وأن يرفعوا إليها تقريرهم خلال شهر..
وكان رد الفعل الصهيوني جوابا واضحا بإدعاء أن موظفين فلسطينيين في الأونروا (وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى)، كانوا قد ساهموا في الهج      لية إلى الوكالة للاستمرار بمساعدة الفلسطينيين النازحين في غزة، والذين يواجهون المجاعة والموت من البرودة وعدم توفر الأدوية.
ووصف فيليب لازاريني المفوض العام للأونروا بالصادم، وقال “إنه لأمر صادم أن نرى تعليق تمويل الوكالة كرد فعل على الادعاءات ضد مجموعة صغيرة من الموظفين”.. علما أن أكثر من مليوني إنسان في غزة يعتمد على معونات الوكالة بما يخص الغذاء والدواء والوقود للبقاء على قيد الحياة.
وكانت الوكالة قد أصدرت بيانات بشأن استشهاد العشرات من موظفيها المحليين أثناء العمل، وبشأن استهداف مدارسها التي تحولت إلى مراكز إيواء بالرغم من أن القانون الدولي يمنع قصف البنايات التي ترفع علم الأمم المتحدة بلونه الأزرق، إن قرار محكمة العدل الدولية واستنادا إلى آراء خبراء في القانون الدولي، يُلزم الكيان الصهيونى برفع الحصار عن المواد الأساسية، التي تديم الحياة مثل الوقود والدواء والغذاء والمياه كالدواء والمياه والغذاء، علما أن الكيان يفرض حصارا على غزة منذ ١٣ سنة، ومنذ عملية طوفان الأقصى في السابع من تشرين الماضي، أصبح هذا الحصار أكثر ضراوة، وتم قطع الكهرباء فضلا على قطع الإنترنت غالبا مع استمرار القصف الوحشي، الذي طال قبل أيام الآلاف من النازحين الذين كانوا يقفون بالصف، لاستلام المواد الغذائية مما تسبب باستشهاد عشرين فلسطينيا، وجرح اكثر من مئة.
واستشهدت الزميلة الصحفية (سعاد سبيك) يوم الاحد الماضي، بسبب البرد في مخيمات تفتقر إلى خيم تقي من البرد، وقطعا هناك أطفال ونساء وكبار في العمر يموتون جوعا وبردا.
لا يزال العالم الذي يدعي التحضر ينظر بعين واحدة ولا يتمكن من اتخاذ قراره بالانحياز إلى الإنسانية في غزة، ولا يزال نتنياهو يصر على استمرار توحشه ليتهرب من المحاكمة التي تنتظره بتهم الفساد الموجهة إليه.