القسم.. إعلاناً
مع ادراكنا أن القسم لا يستخدم إلّا للدلالة على الصدق، وتأكيد للآخر على مصداقية ما يقال.. ذلك أن القسم إيمان بالله، ولا يمكن لمن يقسم باسم الجلالة أن يكون كاذبا..
لذلك لا يتم اللجوء إلى القسم إلا عند الضرورة،، وعند إقناع الآخر بأنَّ هذا القسم أقصى ما يمكن للمرء أن يخاطب به سواه وطمأنته على حقيقة ما يراد الوصول اليه من كلام سليم.
ومع أننا نواجه هذا القسم في كل صغيرة وكبيرة، وفي كل مكان، وفي كل الأوقات؛ إلا أن هذا القسم قد اتخذ في الآونة الأخيرة سبيلا لترويج بضاعة ما!.
والإعلان عن منتج معين.. ووصل الامر بأسماء فنانين وشيوخ في سبيلهم إلى الاخرة، ان يقسموا على (علاج) طبي ما، وانه الشفاء الوحيد والمجرّب لهذه الحالة المرضية أو تلك..
وبتنا نجد استرخاصا لهذا القسم، يتم نشره على الفضائيات وعلى مواقع التواصل الاجتماعي كافة.. وذلك بهدف اقناع المتلقي بهذا المنتج لغرض اقتنائه والحصول عليه بأي ثمن.
وقد شهدنا من قبل استخدام أجمل وجوه الفتيات لهذا الغرض، او اختلاق قصة أو أصوات أو موسيقا أو ممثلين معروفين أو مشهد راقص..؛ فإنَّ الحال قد اتسع الان وأخذ مديات أخرى، وبات القسم بالله سبيلا لابتذال الحقيقة وتحويلها إلى كذب مقترن بالبضاعة الرديئة التي يراد ايصالها إلى المتلقي بالقسم..
نعم.. هذا الاستخدام المبتذل للقسم النبيل والنقي؛ اصبح سوقا رائجة، لا يوقف ابتذاله احد، كما أنه ليس من احد يعمل على فحص هذا المنتج أو ذلك وخاصة ما يتعلق بصحة الانسان.. ذلك أن السوق العراقية بكل أنواعها وبضاعتها وكذلك الصيدليات مملوءة بالأدوية الفاسدة والرديئة والمغشوشة التي لا تجد من يحول من دون تداولها..
ووصل الامر بوزارة الصحة العراقية أن تحذر المواطنين من اقتناء عقار طبي بعينه، بدلا من أن تتولى هي نفسها منع استيراده وانتشاره والعمل على اتلافه، قبل أن يكون في متناول الايدي.
إن ما نلاحظه في اسواقنا وصيدلياتنا، وحتى بعض صناعاتنا الفقيرة والنادرة؛ يطغى عليه الغش والرداءة.. فضلا عن المستورد الذي يستورد لا لجودته وانما لرداءته وبيعه للمواطنين بدلا من اتلافه في ظل غياب المقاييس النوعية!.
في حين يجري التعتيم على منتجات عراقية جيدة جداً ولا تحتاج إلى قسم يؤكد على جودتها كأدوية سامراء مثلا، والتي لا يروج لها حتى الصيادلة، ذلك بهدف ترويج الادوية التجارية الرديئة.
إنَّ استخدام الدين الحنيف والقسم بالله؛ ما هو إلا سبيل من أساليب الكذب والدجل التي تعود لأصحابها بالأموال الطائلة عن طريق التأثير على المواطنين الجهلاء والذين يصدقون بهذا القسم الذي لا يجد صاحبه ما يثبت على جودة بضاعته إلا عن طريق هذا القسم واستخدام العجزة والفقراء من الناس لتأديته بهدف اقناع المتلقي..
إنّ الشيخوخة التي يفترض أن تتميز بالحكمة والتروي ،لا حاجة بها لان تقسم على بضاعة رديئة وفاسدة، ولا حاجة لها إلى الكذب والادعاء وهي في آخر سنوات حياتها.. في حين تؤكد حقيقة الأمور إلى أن هذه الشيخوخة لا تحترم نفسها ولا قسمها، لانها تقبض ثمن ما تعلن عنه وتؤكد على جودته كذبا.
إنَّ بنا حاجة إلى توعية الناس بما يجري حولهم من فساد ومن طراز جديد للكذب والعمل على محاربته وفضحه وعدم الركون اليه بوصفه مشهدا عاريا عن الصحة.
كما أنّ الأجهزة الحكوميّة هي الأخرى معنية بإيقاف مثل هذه الإعلانات الكاذبة والعمل بشكل دؤوب على تفعيل الدور الرقابي وانتقاء النوعية الأجود والأفضل والصحيّة كذلك قبل أن تكون في متناول أيادي البشر.
إنّ هذه الأجهزة الرقابية والإعلامية تتحمل دورها الأهم في هذا الجانب، فضلا عن وعي الناس في مقاطعة هكذا بضاعة سيئة، يقسم أصحابها على جودتها كذبا ورياء بهدف الحصول على الأرباح من دون خشية من الله ومن أي رقيب أو حسيب