بعد الانتخابات.. الأغلبية متحركة والحسابات معقدة
وضعت الانتخابات أوزارها منذ يومين؛ لينخرط كل فريق بعملية جردة حساب في مخرجاته التي كسبها ونقاط الخطأ في حساباته، وإذا أمكن تلمس سمة يمكن أن تميّز المجلس الجديد فهي عدم وجود أغلبية في يد أحد، بمعنى أن كفة الأكثرية سائلة ويمكن أن يتحرك بندول مسارها وفقاً لتغير الملفات مثار البحث،.. ” لقد استخلصنا الكثير من العبر من هذه العمليّة الانتخابيّة” بهذه العبارة لخص رئيس التيار العوني جبران باسيل الخلاصة التي خرج بها تياره من موقعة الانتخابات، أما لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأميركي فذكرت أن” نتائج الانتخابات دليل واضح على رغبة اللبنانيين في التغيير”.
ومن المسائل اللافتة في هذه الانتخابات أنها ربما كرّست حصرية الزعامة (السنية) لزعيم تيار المستقبل سعد الحريري الذي جلس بعيداً في معتكفه السياسي في أبو ظبي يراقب هذا الاستحقاق وماهي النتائج التي سيحصدها «رفاق الأمس» من كسر قراره بمقاطعة الانتخابات فكانت الحصيلة غير مشجعة لأبرز الخارجين عن قرار الحريري وهما رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة و قائمته (بيروت تواجه)، وكذلك نائب رئيس التيار السابق مصطفى علوش الذي خرج من الانتخابات بنتيجة مخيبة برغم الدعم الذي حظيا به من قبل الرياض! .. وبعد هذا هل سيعود الاثنان إلى بيت الطاعة الحريرية؟! وماذا سيفعل الحريري بهما في المرحلة اللاحقة؟ هذا ما سيكشفه حراك الحريري المستقبلي وكيفية مقاربة وضعه السياسي المعقد في ضوء علاقته الملتبسة مع المملكة العربية السعودية، ليس بعيداً عن.. تبدو عملية إعادة انتخاب نبيه بري رئيساً للمجلس في ضوء الخريطة النيابية الجديدة ليست بالسهولة التي كانت في دورات رئاسته الست السابقة وبالتأكيد ستدخل على الخط الكثير من التسويات والتفاهمات قبل بلورة الاتفاق على ذلك علماً بأنه فاز برئاسة البرلمان في الدورة السابقة بأكثر من 90 صوت وبشكل مريح.
بدوره التيار العوني هو الآخر سيعكف بالتأكيد على دراسة الانتخابات وكيف سيتعاطى مع المجلس الجديد في ضوء الثقل الذي سيتمتع به غريمه التقليدي القوات اللبنانية، يقول رئيس التيار جبران باسيل: إننا “مستعدّون للعمل مع الجميع فنحن متصالحون مع ذاتنا وإصلاحيّون” ويشير جبران إلى أن التيار بصدد تغيير تسمية تكتله النيابي في ضوء المعطيات الجديدة بقوله: “نفكّر بناءً على اقتراح أحد الزّملاء بإعادة تسمية تكتلنا (التّغيير والإصلاح) ، وشدد باسيل على “أنّنا استخلصنا الكثير من العبر من هذه العمليّة الانتخابيّة”،مؤكداً “لا يحسبنا أحد على أيّ محور في الدّاخل والخارج، فنحن نستطيع أن نكون صلة وصل بما يحقّق مصلحة لبنان”، مبيّناً أنّ “الانتخابات حصلت في موعدها، وهذه مناسبة ليمسح البعض كذبهم المتعلّق بأنّنا لم نكن نريدها أو نسعى لتأجيلها”، وفي رسالة منه للنواب المستقلين قال: “جاهزون للعمل سويّةً على الإصلاحات في المجلس النّيابي والحكومة، ونأمل أن يتمثّلوا في الحكومة، وندعوهم إلى أنّ يطّلعوا على ما قمنا به في المجلس، وبالتّأكيد عندها سيقرّرون أن يتعاونوا معنا”، مشيراً الى أنّ “المال السّياسي والانتخابي كان له أثره الكبير، ولكن ظهر كم هناك مجتمع ممانع، والعمليّة الانتخابيّة كلّها مطعون بها من هذه الناحية”، لافتًا إلى أنّ “الوقت هو للمبارزة حول من يمكن أن يعمل ويقدّم أكثر، ومجبرون أن نضع أيدينا بأدي بعض، ولن نكون لا بأكثريّة ولا بمحور داخلي أو
خارجي”.
إلى ذلك اعتبر كبير الجمهوريين في لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأميركي السيناتور جيم ريش، أن نتائج الانتخابات النيابية في لبنان “دليل واضح على رغبة الشعب اللبناني في التغيير”. وقال ريش في تصريحات صحفية أمس الأربعاء: إنه “بعد أعوام من الجمود السياسي والفساد وغياب الاستقرار الاقتصادي، هذه الانتخابات قد تكون إشارة على اتخاذ خطوة للأمام”.
ودعا “الزعماء اللبنانيين إلى القيام بالإصلاحات اللازمة”، لتحسين الأوضاع المتدهورة في البلاد، مشدداً على أن “الشعب اللبناني يستحق العدالة والمحاسبة، وليس المزيد من الشيء نفسه”.. وبعيداً عن حسابات الساسة في الداخل والخارج وتقييمهم للانتخابات يتساءل الشارع اللبناني عن الفائدة التي يمكن أن تعود عليه بعد الانتخابات؟! فالأوضاع تسير من سيئ إلى أسوأ والدولار مازال يمارس لعبته المجنونة بحيث تجاوز عتبة الثلاثين ألف ليرة ووصلت عملية صرفه صباح أمس الأربعاء إلى 31.250 ألف ليرة للدولار الواحد، بينما ما زالت المنظومة الكهربائية تغط في حالة سبات شبه كامل حيث “أفادت مصادر في معملي دير عمار الحراري والزهراني عن إطفاء المجموعتين بسبب نفاد مادة المازوت، مشيرة إلى أن “لا بواخر في المدى المنظور بما يبشر ان لبنان سيغرق في العتمة الشاملة..
المصدر : جريدة الصباح