التساهل في تطبيق القانون
صالح لفتة
موقف تجاهل رتل تابع لإحدى السفارات قانون المرور العراقي والسير باتجاه مخالف، مع الإشادة بتصدي رجل المرور لهذه المخالفة، يدفع المرء للتساؤل كيف لدبلوماسي دولة تدعي الالتزام بالقوانين المحلية والدولية أن يضع نفسه بهكذا موقف؟، والجواب ببساطة لأنه أمن العقاب فأساء الأدب، فمهما بلغ الإنسان من تحضر لن يتخلى عن طبيعته الفوضوية.
لذلك وضعت القوانين للسيطرة على هذا الكائن ومنعه من العبث، فليس من المستطاع تقييد وقهر روح الإنسان الجامحة، إذا لم تكن هناك عقوبات رادعة فورية لمن يريد تخطي الخطوط الحمراء تدفعه للتفكير ألف مرة قبل أن يرتكب مخالفة أو جريمة.
فلو تمت من البداية محاسبة من يتجاوز على أملاك وعقارات الدولة بالحبس والغرامات، سواء كان من كبار السياسيين أو من قبل بعض الأحزاب لما تجرأ أي مواطن على أراضي الدولة سواء للسكن أو تحويلها لتجارة دون إجازة أو موافقة رسمية.
ولو تمَّ التشديد على إجازات السوق لما وصلنا لهذه الفوضى في الطرق وكثرة الحوادث والازدحامات وقيادة عربات “التك تك” والآليات المختلفة من قبل أطفال لم يبلغوا الثامنة عشرة.
إذ من الخطأ التغاضي عن تجاوزات الأفراد والجماعات للقانون لأي سبب، فهما كان صغيراً فإن السكوت عنه جرم عظيم، فالتساهل شَجَّعَ الناس بالتَعَدَّي على خطوط الكهرباء وأنابيب المنتجات النفطية والمواقع الأثرية، بل وصل الحال لسرقة أغطية منهولات أنابيب مجاري الصرف الصحي.
بدأت العشوائيات بأعداد صغيرة لمن يفتقر لسكنٍ ووصلت لمدن متكاملة وزحفت للأراضي الزراعية المحيطة بالمدن، لتشوه مداخلها دون استثناء ويتغير التصميم الأساس وتضيق المساحات الخضراء، نتذكر الزخم الذي حدث بعد مقتل مدير بلديات كربلاء وما رافقه من دعم حكومي وشعبي ضد المتجاوزين، لكنه خمد بعد فترة قليلة، وكان من الاصح أن يستمر حتى لا يكون حالة فوران وقتية ويتوسع ضد كل ماهو مخالف للقانون، وإسناد وتوفير الحماية والدعم لمن يتابع التجاوزات سواء كانت لجانا أو قوات أمنية أو أي جهاز حكومي من قبل الدولة ومن قبل المجتمع.
إن رفع التجاوزات ومحاسبة من يخرق القانون أياً كان ضرورية، ليس فقط من اجل جمالية المدن وتسهيل حركة الناس وتجنب الازدحامات وسهولة توفير الخدمات، بل من أجل مستقبل العراق كدولة مواطنة تحمي جميع أبنائها. ولا يمكن للدولة أن يشتد عودها وتزدهر دون صرامة بتطبيق القانون وشده في منع المخالفات.