حروب المنجمين والمجانين
حمزة مصطفى
دخل القيصر فلاديمير بوتين الحرب ضد أوكرانيا، ولم يخرج أو بالأحرى لم يستطع الخروج منها حتى الآن. تراهن الجنرالان عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو “حميدتي” أيهما يستطيع السيطرة على ما تبقى من خراب الخرطوم ودارفور والنيل الأزرق والأبيض، فدارت رحى الحرب التي صبغت كل أنواع الخراب والماء بالدم، ولم يتمكنا حتى اليوم من الخروج منها. أطلقت حماس “طوفان الأقصى”فمرغت وجه نتنياهو في وحل غزة، فجاء الرد في اليوم التالي بعيدا عن التفكير في اليوم التالي من
كليهما.
النتيجة استمرت الحرب ودخلت شهرها الثالث وقبلها حرب أوكرانيا التي دخلت عامها الثالث وحرب السودان التي دخلت عامها الثاني.
لم تعد دعوات السلام تنفع أو تشفع لا لحرب القيصر أو الجنرالين أو حماس ونيتياهو مع اختلاف المقاربة بين أحقية حماس وكل فلسطيني في الدفاع عن أرضه وعرضه، ضد عدو مغتصب وبين حروب عبثية لامعنى لها وفي المقدمة منها داحس وغبراء البرهان وحميدتي وبسوس بوتين ـ زيلينسكي. لم يكمل بروغجين رسالته في إطار حروبه المفتوحة من القرم إلى كييف وانتهاءً بأفريقيا حتى راح ضحية توقع منجم في اختفائه قبل نهاية العام. لكن الأمر لا يحتاج إلى منجمين. تخطى الرجل حدوده، فكان لا بد من “طابع” يدقونه في مؤخرته. انفجر الطابع وتحطمت المقدمات والمؤخرات معا وإختفت الأسطورة، التي إرتفعت فوق الواقع ردهة فارقة من زمن التوقعات والتنبؤات وقرارات القيصر التي كثيرا ما تتطابق مع توقعات
المنجمين.
من “إيغاد” إلى عبد الله حمدوك تتحرك مدفعية الجيش والدعم السريع في كل ما تبقى من خراب السودان دون حل. لنكن متواضعين قليلا، ليس حلا بقدر ما هو مجرد أمنية في أن يلتقي الجنرالان ولو على بارجة على النيل الأبيض أو الأزرق كأي روزفلت وستالين. ومن غزة إلى البيت الأبيض، حيث أعلن جو بايدن صهيونيته وإنتوني بليكن يهوديته لحظة البحث عن أصوات إضافية عند خوض الانتخابات الرئاسية، لم تنفع “الهدن” التي تخصصت مصر وقطر في عقدها لتبادل الاسرى الإسرائيليين بالأسرى الفلسطينيين وفق معادلة مقلوبة ولا مقبولة على كل المستويات، وفي إطار البحث عن التسويات غير
الممكنة.
مع ذلك لا بد من المنجمين أحيانا الذين يفردون خريطة التوقعات والنبوءات عند بداية كل عام. جردة حساب سنوية تتراوح بين توقع الزلازل والبراكين التي لا تبخل الطبيعة في وقوعها سنويا دون توقعت أو نبوءات. أو وفاة كبار السن من الزعماء أو السياسيين أو رجال الدين والاعمار، التي هي بيد الله لا بد أن تختتم رحلتها بعيدا عن التوقعات والنبوءات والأمثلة كثيرة، بل لاحصر لها، والمثال الأبرز كيسنجر الذي ناف على المئة، كاسرا كل التوقعات والنبوءات التي بقيت تراهن على موته أكثر من عقد من السنوات. صاحبنا أبو علي الشيباني يمطره معلمه سنويا بالمزيد
من النبوءات التي ينطبق عليها في النهاية ما ينطبق على الكذاب الذي يفوتك منه.. صدك جثير.
المصدر: وكالة الانباء العراقية