طفيليات
د. علاء هادي الحطاب
لا أهدف هنا في الحديث عن الطفيليات بمعناها العلمي، بقدر هدفي استخدام المصطلح لأغراض مجازية، فالطفيليات كائنات تعيش على أكثر من عائل ومعيل، التطفل هو العلاقة بين كائنين أحدهما (الطفيل) يتغذى على الآخر (العائل).
أما ظاهرة الطفليات المجتمعية فهي قديمة حديثة تنشط في مواسم محددة وتختفي ثم تعود لتنشط وهكذا في دورة حياة كاملة.
وما أقصده هنا هو مجموعة من الأفراد ينشطون مع وصول مسؤول أو مدير أو وزير أو رئيس وزراء جديد إلى موقعه فيسارعون إلى ادعائهم القرب منه بل والمعرفة حتى بطريقة تفكيره، ولم يتوقفوا بالحديث والكتابة همساً وتلميحاً وتصريحاً في أنهم المقربون المقربون وأصحاب القدح المعلَّى لدى هذا المسؤول، فإن التفت لهم ذلك المسؤول وقربّهم كان بها، وإن لم يلتفت إليهم انكفؤوا مجدداً بانتظار (عائل) أو معيل آخر للعيش عليه واستعادة دورهم التطفلي مرة أخرى وهكذا في دورة حياة تتجدد مع تجدد وصول المسؤول إلى موقعه الجديد.
هذا التطفل أخذ مديات واسعة في العراق، إذ طور الطفيليون من أدواتهم والارتقاء بها، فلم يعُد الحديث والتبجح والتظاهر بالقرب من المسؤول يكفي بل ذهبوا أبعد من ذلك بتبني مواقفه وآرائه والدفاع عنه، بل والتطبيل والتزمير له بشكل يسيء للمسؤول أكثر مما ينفعه، بل أن بعضهم تفْهم من حديثه أنه بات المستشار الفعلي والروحي الأقرب لذلك المسؤول الذي لا يخطو خطوة من دون أن يستشيره ويأخذ نصيحته.
كثير منا بات يعرف تلك الشخصيات وأسماءها مع ظهور أسماء جديدة وطريقة تطفلهم لدى وصول كل مسؤول إلى موقعه الجديد.
يبقى على المسؤول أن يفرز جيداً بين الظاهرة الصوتية مدفوعة الثمن و الفرد الفاعل سواء كان موظفاً أو غير ذلك، وبخلافه فإن ذاك المسؤول سيكون ضحية لادعاءات هؤلاء من حيث يشعر أو لا يشعر ويكتشف ذلك جلياً بعد خروجه من المنصب عندما ينقلبون عليه لصالح المسؤول الجديد.