المظفر
د. علاء هادي الحطاب
هو ذاك الذي خرج من معركته منتصراً ظافراً، انتصر لقضية وطنه، بالفعل والكلمة، خاض معاركه على جبهات عدّة، تارةً بالفعل وأخرى بالكلمة.
بالفعل، عندما كان شاباً يافعاً تصدّى لأول انقلاب بعثي بالتظاهر والرفض والعمل، لم يرهبه السجن، بل حوّله إلى ميدانٍ واسعٍ يلقي فيه أشعاره الرافضة والمنتفضة لكل أشكال الظلم والطغيان، تمكن بـ “ملعقته” مع آخرين من أن يكسر أطواد السجن ويهرب متحدياً بذلك مآلات ما يترتب على ذلك من أذى قد يؤدي به إلى الموت.
عاد ليخوض معاركه باسمه المعلن، وأشعاره الرافضة جهراً لذات الظلم وذات الحزب وذات الجرائم، بل كان مجرد معرفته والتواصل معه “جريمة” قد تودي بصاحبها إلى الإعدام.
المظفر، كان وفيراً في زمن الشح، وكان مضيافاً لكل ظافر مثله في وقت عزتْ فيه الكلمة، فضلا عن الموقع ليصبح مكان إقامته في أي دولة يكون فيها ملتقى لمعارضي نهج البعث وسياسته وسلطته، كان ذلك في ذروة قوة بطش النظام وسلطانه الحاكم خارج حدوده، فضلا على داخله.
أشعاره كانت ولا تزال وستبقى ملهمةً لكل من يرفض الدكتاتورية، ودروساً لكل الطغاة تلقمهم حجراً كلّما ازدادوا ظلماً وطغياناً.
المظفر، كان يليق به أن يَلقى رعايةً واهتماماً من سلطات ما بعد 2003، لأنه كان سوطاً قاسياً يجلد ظهور سلطة البعث، كان يليق به أن تتكفل رعايته، فالدولة التي تسعى لبناء أمّتها والحفاظ على حضارتها كان لزاما عليها أن تهتم بمناضليها وشهدائها ومضحيها وشجعانها، لا تترك الغربة تأكلهم، بينما يحاول النسيان أن يَلفّهُم.
المظفر، انتصر إذ رحل وفي قلوب محبيه جذوة تلك الأشعار التي كتبها وألقاها يوماً، لا كمجرد قصائد تلقى في مناسبات هنا وهناك، بل هي مشاريع تُعلّم الأجيال أن هذه الأمة أنجبت رجالاً قالوا “لا” في زمن الـ “نعم” لذا فهي بحق دروس لا تموت ولا ترحل بالتقادم.
الراحل مظفر النواب.. أيها الكبير، كنت أتمنى يوماً أن يسعفني الحظ في إجراء حوار معك وأنت تكلّم الأجيال كيف كنت منتصراً، وكيف يكون الانتصار والظفر.