دور العراق في الحراك الدولي لإقامة الدولة الفلسطينيَّة

 عبد الحليم الرهيمي

بينما تتواصل الحرب العدوانية للجيش الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة (والضفة)، وتبذل جهود متعددة الأطراف لوقف إطلاق النار، وحل مسألة الرهائن الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين بصفقة واحدة بثلاث مراحل.. ينشط حراك دولي – عربي لتوفير شروط وضمانات قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
كان هدف هذا الحراك مطروحاً بالمشروع العربي عام 2002 لما سمي حل الدولتين، والذي طرحته العربية السعودية في القمة العربية، لكنَّه تعثَّر ولم يتحقق له أي مقدمات أو سبل عملية، وذلك لسبب أساسي هو الرفض الاسرائيلي القاطع لقيام دولة فلسطينية، وهو الرفض الذي تتمسك به حكومة نتنياهو الحالية، والحكومات التي سبقتها وهي حكومة نتنياهو الاولى وحكومتا نفتالي بنيت ويائير لبيد، فضلاً عن رفض المتشددين الفلسطينيين والعرب، وذلك إضافة لمواقف المجتمع الدولي الذي لم يكترث ايضاً لهذه القضية.
لذلك تسعى الدول المعنية بهذا الحراك إلى توفير شروطه ومستلزماته الموصلة لتحقيق الهدف.
وكان تصريحات وزير الخارجية البريطانيه اللورد كاميرون التي طرحها باسمه و(تبنتها) رسمياً الحكومة البريطانية التي دعا فيها لاعتراف الدول الغربية واميركا علناً ومسبقاً بتأييدها الاعتراف مسبقاً بإقامة الدولة الفلسطينية، إحدى المحطات المهمة لهذا الحراك كانت بمثابة توجه دولي جديد وصف بـ (الزلزال) لحل القضية الفلسطينية، وقد أيدته دول أوروبية والاتحاد الاوروبي، بينما تسربت تقارير وأعلنت تصريحات شبه رسمية بأن الولايات المتحدة بإدارة بايدن تدرس مسألة إقامة الدولة الفلسطينية كإحدى سبل تحقيق الأمن والسلام في منطقة الشرق الأوسط، بعد اتساع بؤر العنف والحروب والصراعات الإقليمية والدولية في الظروف الراهنة.
وكجزء من هذا الحراك جرى مؤخراً التفاهم في باريس، بين قيادات الأجهزة الأمنية الاميركية والمصرية والقطرية والاسرائيلية على مشروع حل من ثلاث مراحل، تضمنت المرحلتان الاولى والثانية سبل وقف النار وتبادل الاسرى والرهائن وتوقيتات ذلك، في حين (سيتم في المرحلة الاخيرة اقرار إدارة الحكم في غزة التي من المرجح ان تكون بقيادة (منظمة التحرير) التي يترأسها محمود عباس (ابو مازن) وخروج «حماس « والجهاد الاسلامي « من القطاع).
وتأكيداً لذلك نشرت صحيفة « واشنطن بوست» الاميركية القريبة من مصادر القرار يوم 15 شباط – فبراير الحالي تقريرا جاء فيه (أن الولايات المتحدة الاميركية ومجموعة صغيرة من دول المنطقة تحاول بصورة سريعة استكمال خطة مفصلة وشاملة للسلام في الشرق الاوسط بين الفلسطينيين واسرائيل»، بما في ذلك جدول زمني ثابت لاقامة الدولة الفلسطينية)، وذكرت الصحيفة أن هذه الخطة قد يتم الاعلان عنها خلال اسابيع قليلة، غير أن الصحيفة عبرت عن توقعها بأن (العقبة امام تحقيق ذلك هي اسرائيل).
إن ما يضفي على هذا الحراك الدولي أهمية اكبر والذي يشي بوضوح إلى تجاوز التعثر والجمود التي مر بها مشروع حل الدولتين، هو الغضب العارم والفزع الاسرائيلي من سير هذا الحراك نحو تحقيق الدولة الفلسطينية في نهاية المطاف، لذلك اكدت حكومة نتنياهو الليكودية العنصرية رفضها الحازم لاقامة الدولة الفلسطينية وقد انضم اليها كل حلفائها الذين تصاعدت تصريحات رموزهم وقياداتهم برفض قيام هذه الدولة وحشد جميع الانصار والمؤيدين لهم «لاستصدار قرار حكومي بنبذ الفكرة باعتبارها ( جائزة للمتطرفين).. « وانها تشكل «هديداً لوجود دولة اسرائيل لها»، وبعد هذه التصريحات والتحشيد المضاد لفكرة قيام دولة فلسطينية أعلن الناطق الرسمي بلسان نتنياهو ( آفي هايمان)، أن الحكومة ترفض أي تداول في موضوع الدولة الفلسطينية، وان هذا الوقت ليس وقت اعطاء هدايا للشعب الفلسطيني، انما لتحقيق نصر ساحق على حماس».
وازاء هذا الرفض المتشدد من حكومة نتنياهو هو بتحشيد المتطرفين العنصريين اليهود، لتحقيق هذا الرفض، هدفه عرقلة قيام الدولة باحباط أو عرقلة اهداف وجهود الحراك الدولي الواسع لإقامة الدولة الفلسطينية، ينبغي على الفلسطينيين وممثلهم الشرعي (منظمة التحرير) وسائر البلدان العربية المعنية والمنخرطة في توجه انجاز الدولة الفلسطينية، أن توسع وتصعّد من تحركها لدعم الحراك الدولي، ورفض واحباط الرفض الاسرائيلي.
وهنا يستطيع العراق أن يؤدي دوراً تاريخياً مهماً على هذا الصعيد، بتكثيف اتصالاته بالدول العربية المعنية وخاصة مصر، السعودية، قطر، الاردن، عمان للاتفاق على خطة عربية فاعلة وعملية بدعوة الجامعة العربية، لعقد مؤتمر استثنائي يقر هذه الخطة ثم التوجه إلى منظمة الدول الاسلامية، لانضمامها إلى التحشيد العربي، والتوجه بعد ذلك إلى دول الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة لمطالبتها بايصال حراكها إلى هدفه بإقامة الدولة الفلسطينية، وإحباط مساعي إسرائيل لرفض إقامة هذه الدولة.
والعراق مؤهل تماماً للقيام بهذا التحرك لتعزيز الحراك الدولي الراهن، كي يصل إلى هدفه ومبتغاه، قبل أن يتعثر ويهمل، وقبل أن تتمكن إسرائيل من إحباطه.

 

 

المصدر: وكالة الانباء العراقية