وليد خالد الزيدي
من المستحيل ان نتصور وجود كوكبنا من دون مياه، حينما ندرك ما يطلق عليه الكوكب الأزرق نسبة إلى المسطحات المائية كالمحيطات والبحار والانهار والبحيرات، التي تغلب على سطحه وتحيط بالمساحات اليابسة المأهولة ويتراءى للناظر اليه من الفضاء زرقة تلك المسطحات، حيث وضع الله تعالى كل مقومات الحياة وديمومة عيش جميع الكائنات فيه بشكل مذهل، ما يعزز الإيمان بالقدرة الإلهية وعدالتها في توزيع نعمة المياه على جميع سكان الأرض دون تمييز، كما وضعها الخالق جل وعلا بشكل طبيعي، قبل أن تلفها دواليب السياسة واطماع قادتها، حينما استغلتها لمنافع ذاتية ضيقة ما انزل الله بها من سلطان، وأصبحت الحاجة للمياه العذبة الجارية كالأنهار وروافدها ورقة ضغط غير مشروعة لساسة بعض البلدان، التي تنبع منها على شعوب بلدان أخرى لها نفس الحقوق فيها بشكل دائم.
من اجل تنظيم حركة المياه العذبة وسريان جريانها بشكل طبيعي بين الدول من دون عراقيل أو إشكاليات غير مبررة، وضعت الأمم المتحدة في اجندتها اليوم العالمي للمياه في الثاني والعشرين من آذار من كل عام، احتفالا دوليا، حتى يكون وسيلة لجذب انتباه قادة العالم لأهمية المياه العذبة، ودعوتها إلى ضرورة الإدارة المستدامة، لمواردها المشتركة بين البلدان والقارات المترامية الأطراف، والتي تشق مساحاتها الشاسعة مجارٍ طبيعية لمياه انهار طالما ملأت صفحات التاريخ بأهميتها في تطور أنماط حياة شعوب صنعت حضارات إنسانية على ضفافها منذ آلاف السنين، وأفادت البشرية بالكثير من اساسيات الحياة وطورت صورها إلى يومنا هذا لاسيما بلدنا المعروف بارض الرافدين دجلة والفرات اللذان شكلا علامة فارقة بين بلدان العالم قاطبة وهما يجريان على ثراه الخالدة منذ دهور لا يعلم مداها سوى الله الخالق البديع ومن منابع خارجية لا تبرر لاحد منع معانقتها ارضنا المعطاء.
نحن على اعتاب الاحتفال بيوم المياه العالمي بحاجة إلى تفعيل قوانين تنظم العلاقات بين الدول، بما يخص حقوقها في الحصول على حصص مائية عادلة والتذكير بما تعانيه بعض بلدان مصبات المياه الجارية، كالعراق ومصر(على سبيل المثال) من سطوة دول منابع انهارهما، وضرورة تقيد تلك الدول باستخدامها بشكل لا يضر بحقوق الدول المشاركة معها بشكل طبيعي وإرساء أسس مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً في هذا المجال الحيوي، لكي تنعم كل بلدان العالم بالسلام وعدم الانجرار وراء منطق القوة وهوى الاستحواذ على حقوق شعوب الأرض من دون مسوغات قانونية أو مبررات حقيقية.
ما يخص استذكار هذا اليوم لا بد للوفود العراقية، التي تدعى للمشاركة في مؤتمرات دولية تعنى بهذا المجال ان تستلهم معاني الذكرى، وترفع شعار(المياه من أجل السلام)، فنحن اليوم بحاجة إلى أن يبذل المجتمع الدولي والحكومات ذات العلاقة كل ما بوسعها للتعاون وتهيئة الظروف، لإقامة مجتمع أكثر تفاهما لتوطيد العلاقات المعنية، بتقسيم حصص المياه، بعيدا عن فتيل النزاعات أو افتعال التوترات، لكي تتمكن الدول التي تتشارك فيها من ترسيخ مبدأ التعاون بما يحقق التوازن بين احتياجات الدول كافة للمياه العذبة، ووضع ذلك في صميم خططها المستقبلية.
المصدر: وكالة الانباء العراقية