عبد الحليم الرهيمي
لم تكن قمة الرياض العربيَّة – الإسلاميَّة التي عقدت في العاصمة السعودية الرياض في الحادي عشر من الشهر الحالي استثنائية فقط في توصيفها، انما استثنائية أيضا في المهام والاهداف المرجوة منها لنصرة الشعب الفلسطيني بالوقف الفوري لحرب الإبادة غير المسبوقة، التي يمارسها الاحتلال وجيشه ضد أبناء قطاع غزَّة الصامدين وحتى في الضفة الغربية المحتلة وذلك فضلاً عن الممارسات الاجرامية الأخرى بمحاصرة غزَّة ومنع أيصال مستلزمات الحياة الضرورية إليها، كالغذاء والماء والدواء والمستلزمات الطبية الأخرى والوقود لمستشفياتها عبر منفذ رفح.
ورغم تعدد واختلاف الآراء والمواقف والولاءات للدول المشاركة في اجتماع القمة هذا، فإن الأصوات الحقَّة العالية والأكثر تأثيراً لمصلحة الشعب الفلسطيني ونصرته قد طغت على تلك الأصوات، التي بدت نشازاً في سياقات هموم واهتمام الأكثرية من الدول المشاركة في القمة، التي عبّرت عن تمسكها وعزمها على العمل بما تستطيع، وما تمتلك من قدرات سياسية ودبلوماسية وعلاقات دولية مؤثرة توظفها لنصرة الشعب الفلسطيني، خصوصاً في محنته الحالية وما يعانيه من حرب الإبادة، التي يشنها الاحتلال ضده. لقد اتخذت غالبية قادة الدول العربية والإسلامية، باستثناء الأصوات النشاز وغير المسؤولة، مواقف وسياسات تنتصر فيها للشعب الفلسطيني لما يعانيه الان في غزَّة خاصة وفي الضفة من آلام ومصاعب وذلك بالتركيز على مناشدة المجتمع الدولي والأصدقاء للوقف الفوري لأطلاق النار، وإنهاء الحرب الإجرامية دون شروط، فضلاً عن مطالبتهم بضمان استمرار تقديم وإدخال المساعدات الإنسانية كالغذاء والماء والمستلزمات الطبية إلى سكان غزَّة دون عرقلات، ومن ثم قيام قادة بعض هذه الدول، وبتكليف من المشاركين في قمة الرياض ممارسة جهودهم ومساعيهم المتواصلة بالتأثير القوي على المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة وأوروبا للضغط على إسرائيل للوقف الفوري لعدوانها على قطاع غزَّة وذلك عبر توظيف هذه الدول لعلاقاتها الدبلوماسية والثنائية مع تلك الدول والحد من انحيازها لإسرائيل، ومن ثم السعي الجاد والحقيقي للتمهيد لما بعد وقف الحرب لمفاوضات تسوية سياسية سلمية تشارك فيها تلك الدول مع الدول العربية والإسلامية، التي لها علاقات جيدة معها وبمشاركة فعلية للفلسطينيين أساساً عبر قيادتهم الشرعية، وذلك لإنجاز فعلي لحل الدولتين، الذي ينبغي أن يسفر عن قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها (القدس الشرقية) على خطوط الخامس من حزيران عام 1967.
ربما يكون لأي منا، بالتأكيد رأيٌ في النظام العربي – الإسلامي وقيادات دولة لسياساتها وممارستاها تجاه شعوبها، لكن تلك الآراء ينبغي ألا تتعارض مع دعواتنا للوحدة باتجاه ما نواجهه جميعاً، والفلسطينيون من أخطار، وحتى لا تؤثر هذه الآراء تجاه تلك القيادات التي تؤدي لإضعافها، وشل حركتها الفعالة لخدمة الفلسطينيين وقضيتهم في هذه المرحلة والمرحلة القادمة.
كذلك فإن الآراء والمواقف التي تتسم بتوجيه الشتائم والسباب لهذه الدول أو لقياداتها، كما يفعل بعض الإعلاميين والسياسيين، وبعض رجال الدين ( بحرية رأي هابطة) هي أعمال ومواقف غير مبررة، بل ومدانة في ظروف يواجه الجميع ما يجري في غزَّة واحتمالات تداعياتها الخطيرة باتساعها وتمهيدها لحرب غقليمية، تلحق الدمار ببلدان هذه المنطقة وشعوبها.
ويمكن القول، لقد أدت القمة العربية – الإسلامية في الرياض دوراً مهماً من الواجب، الذي ألقي على عاتقها لنصرة الشعب الفلسطيني وإدانة الحرب الإجرامية، التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضده، وتشكيل اللجان لتنفيذ القرارات التي اتخذت بالتحرك السريع والفعال مع الدول المؤثرة في قراراتها، وإمكانية ضغطها على إسرائيل كالولايات المتجدة وأوروبا، بتحقيق الوقف الفوري لإطلاق النار، خاصة بعد التغير التدريجي الواضح في مواقفها تجاه إسرائيل واتجاه حربها في غزَّة، فضلاً عن احتدام الصراع داخل القيادات الإسرائيلية ذاتها، والذي سيساعد ذلك من تمكن الضغوط عليها لتحقيق بعض التقدم بهذا الاتجاه.