شدد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني على ضرورة أن تراعي القوى السياسية المواطنة، وفيما اشار الى ان هناك مجالات يجب أن تُترك للمهنية، اكد انه يعمل 17 ساعة باليوم لأن العراقيين يستحقون الخدمة.
وقال السوداني في المقابلة/ الجزء الثاني التي أجراها مع قناة الجزيرة، بحسب بيان لمكتبه تلقته وكالة الانباء العراقية (واع)، “عايشنا صوراً مؤلمة من الحروب العبثية والقتل والتهجير قبل 2003، بعدها استبشرنا خيراً بدستور جديد ثبّت الحقوق والواجبات، لكن بدأ فصل آخر هو الإرهاب والقتل الطائفي الممنهج، وكنا يومياً نواجه مواقف أليمة في الشوارع والأسواق، وهو ما ترك أثره وصولاً إلى حلقة داعش، التي سيطرت على مساحات كبيرة من العراق”، مبينا، أنه “خلال تلك المدة تم إنجاز الكثير، لكن المتوقع كان أن يجري إنجاز أكثر مما حصل، وكان هناك تراجع في الاقتصاد والتعليم والخدمات. وكان من المفروض تقديم ما هو أفضل. ونقرّ بوجود سوء في الإدارة، واستفحال لظاهرة الفساد”.
وأضاف: “في انتخابات عام 2018، كان هناك عزوف وفي عام 2019، حدثت تظاهرات تشرين، وفي عام 2021، أيضاً شهدنا عزوفاً عن المشاركة في الانتخابات، وهذه رسائل استلمناها”، لافتا الى ان “هناك من تسبب في الفساد و تواجد في السلطة واستخدم المنصب لأغراض حزبية وشخصية، لكن حين نتحدث عن بلد مرّ بهذه الهزّات العنيفة فإن الظروف ليست مثالية”.
وأوضح، ان “هناك من وقف موقفاً وطنياً وحافظ على المال العام، وبالأرقام تحقق الكثير في كل قرية ومحافظة ومدينة، وتغير الوضع”، مؤكدا أن “يكون رئيس الوزراء من عراقيي الداخل يفهمها الناس بأنه قريب من عندهم وعاش معهم سنوات المحنة، وهذا لا يعني أن الإخوة الذين قدِموا من الخارج كانوا بعيدين عن المواطن، إنما بحكم طبيعة الحياة والأوضاع ربما لم يوفقوا في ترتيب الاولويات”.
وتابع، “أعرف طبيعة المواطن العراقي، كنت موظفاً في مديرية زراعة ميسان منذ 1997، ولغاية 2003 ثم تدرجت بالعمل في مجلس المحافظة ومحافظاً بعد ذلك، وكنت في العاشرة من العمر واستذكر المجموعة التي كانت مع والدي، كانوا ذوي إيمان بمنهج الدعوة، وكانت مهمتهم إسلامية أكثر من كونها سياسية أو معادية للنظام. وعملوا على التبليغ الإسلامي ومساعدة العوائل التي تعرّضت للسجن”، موضحا، أنه “جرى إمساك الحلقة وانتزاع الاعترافات، ووالدي كان في فرنسا للعلاج، وأُعيد دون إجراء عملية جراحية، وكان يعاني من قدمه، وجلب بسيارة إسعاف، وأُعدم وهو على هذه الحالة”.
وبين انه “حين توليت رئاسة هيئة المساءلة والعدالة تعاملت معها بجنبة مهنية صرفة، وطبقتُ القانون بحذافيره، ولم يكن لدي أي نشاط سياسي قبل عام 2003، وبعد ذلك التاريخ بدأت الأحزاب الإسلامية، بما فيها حزب الدعوة الإسلامية تتواجد وتحتضن عوائل الشهداء والسجناء، وتكلفت بمهام قائمقام مدينة العمارة لعملي وليس لانتماء حزبي”، مشيرا الى انه “حين نقول إن الأحزاب تجتمع فتشكل حكومة ائتلافية فهذا حق طبيعي، وأما من يأتي برغبة للسيطرة على مفاصل الوزارة فيأتي الوكيل والمستشار والمدراء العامون من نفس الحزب، فهذا خطأ”.
وتابع، “لا يجب أن نشترط الانتماء لهذا الحزب أو ذاك، وهذا ما نواجهه كسلبية من سلبيات المرحلة السابقة، وأنا متشدد في هذه الجزئية”، مؤكدا انه “في ظل الأزمات الكبيرة التي مررنا بها، أرى أن الجميع قد استوعب الدرس، في بداية العملية السياسية”.
ومضى بالقول: “قدرنا كعراقيين، بمختلف مكوناتنا وأطيافنا، أن نعيش معاً في هذا البلد، فلا مجال لإلغاء الآخر”، منوها بان “نهاية صدّام درس لكل من يتواجد في الحكم، بأن ينظر إلى مصير الطغيان والقتل والسرقة ويذهب بالبلاد إلى سياسات عبثية”.
واشار الى ان “قبل عام 2003 كانت هناك عصابة تسيطر على مقاليد الأمور، وقبل عام 2003، كان التمايز موجوداً إلّا أنه مسيطر عليه بقوّة النظام”، مبينا ان “لم يكن هناك شيء اسمه المشاركة والمكونات وحرية الأديان والشعائر، وبعد 2003، ونتيجة الكبت ومصادرة الحقوق، ذهب الجميع إلى طرح المخاوف بتثبيت الحقوق في الدستور، وهذه من الإشكاليات التي يُشار إليها في الدستور”.
واكد انه “لا يوجد استهداف للمكون السنّي بذريعة أنه جزء من النظام السابق، فقد تعرّض لظلم ذلك النظام مثل باقي العراقيين، وهناك مجازر ارتكبها النظام ضد عشائر وشخصيات سنية”، لافتا الى انه “بعد عام 2003، كان هناك جزء من المكوّن السنّي رافضاً لعملية التغيير ولا يؤمن بالعملية السياسية، ومع مرور الوقت آمن الجميع بأن التغيير يجري من خلال العملية السياسية نفسها”.
وتابع، “في معظم دول العالم يكون منصب الوزير سياسياً، ويجب أن يترك ما دون الوزير للمهنية”، مؤكدا انه “يفترض بالقوى السياسية أن تراعي المواطنة وهناك مجالات يجب أن تُترك للمهنية وتُعطى الفرصة للعمل”.
وزاد في القول: “تُرِكَت عائلتي بلا مصدر للدخل بعد إعدام والدي، واضطررنا للعمل في الظرف الأصعب وهي سنوات الحصار من أجل إعالة أسرتي وفي مختلف الأعمال، ونعيش اليوم في حرية تعبير وحق التظاهر والتعبير عن الرأي. إذ يمكن انتقاد رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية والحكومة ويكون المواطن في مأمن”، مؤكدا انه “في كل المشاكل السياسية و الأمنية منذ عام 2003، فإن ما هو إيجابي يتمثل في المحافظة على الانتقال السلمي للسلطة دورة بعد أخرى.”
وتابع، “ليس لدينا صلاحيات مطلقة، وهناك فصل بين السلطات، فلدينا سلطات قضائية وأخرى برلمانية. وكل المكونات تشارك في صنع القرار، وقبل تشكيل حكومتنا كانت هناك تجاذبات سياسية خطيرة، لكن التنافس كان يدور في أروقة المحكمة الاتحادية وفي نصوص الدستور”، مبينا ان “التنوع الموجود في العراق هو عامل قوة وليس ضعفاً”.
ولفت الى انه “يجب أن نضع مصلحة العراق فوق كل اعتبار وما نتخذه من قرارات إنما يخص كل العراقيين”، مشيرا الى ان “واحد من الأخطاء الستراتيجية للعرب أنهم ابتعدوا عن العراق، وتركوه طويلاً واعترفوا بذلك خصوصاً بعد تهديد داعش”.
وبين، انه “من وقف أمام عصابات داعش هم العراقيون، وقاتلوا نيابة عن العالم. وهنا أيقن الجميع بضرورة عودة العرب إلى العراق، وليس عودة العراق إلى العرب، فالعراق كان ولا يزال موجوداً”، مؤكدا ان “خليجي 25، كانت تعبيراً عفوياً عن طبيعة الشخصية العراقية”.
وتابع، “نفهم طبيعة المواطن العراقي وهواجسه ومخاوفه، وبالتالي يمكن ترتيب أولوياته، شرف كبير لي أن أكون في خدمة الشعب والعراق، وهي فرصة هيأها لي الله سبحانه وتعالى في أن أقدم شيئاً لأبناء شعبنا”، مضيفا، “أعمل 17 ساعة باليوم لأن العراقيين يستحقون الخدمة فقد ضحوا بكل شيء من أجل بلدهم”.
المصدر : وكالة الانباء العراقية