أعلن البنك المركزي العراقي، اليوم الاثنين، حجم مبالغ الإقراض ضمن مبادراته الخاصة بالمشاريع، وفيما أكد أنها حفزت الاقتصاد في حل مشكلة السكن، كشف عن العمل على إعداد ستراتيجية للإقراض.
وقال محافظ البنك المركزي العراقي، علي العلاق، في كلمة له ضمن مؤتمر تفعيل برامج الإقراض في العراق، وحضره مراسل وكالة الأنباء العراقية (واع): “نتقدم بالشكر إلى رابطة المصارف والوكالة الأمريكية للتنمية لمواكبة القطاع المصرفي ومحاولات النهوض به ودفعه بالاتحاهات التي تحقق الأهداف المرجوة للاقتصاد العراقي”.
وأضاف العلاق، أن “الإقراض المصرفي يمثل الركن الأساس في عمل القطاع المصرفي سواء بما يتعلق بعوائده وأرباحه وتشغيله أو بما يتعلق بالنشاطات الاقتصادية بمختلف أشكالها”.
ولفت إلى إن “البنك المركزي كان رائداً في تحفيز القدرات الإقراضية للقطاع المصرفي، حيث أطلقنا عام 2015، مبادرة لعلها الأكبر في تاريخ العراق، وتمثلت بتخصيص 5 ترليونات دينار للمشاريع الصناعية والزراعية والإسكانية، وكذلك تريليون دينار للمشاريع الصغيرة والمتوسطة”، مبيناً أن “هذه المبادرة استطاعت أن تحفز الاقتصاد العراقي بشكل كبير سواء على مستوى بعض المشاريع أو في حل مشكلة السكن من خلال توفير الإقراض لقطاع الإسكان”.
وأشار إلى أن “المبالغ الذي تم إقراضها بلغت حتى الآن حوالي 13 ترليون دينار وهو مبلغ كبير جداً”، مردفاً بالقول: “ونحن الآن بصدد تقييم هذه المبادرات و الاستفادة من الدروس ووضعها في الاتجاهات الصحيحة وتركيزها في أهداف محددة”.
وتابع: “سيكون هنالك تركيز كبير في المرحلة المقبلة على تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وكذلك في ما يتعلق بالمشاريع أو القروض الخاص بالطاقة المتجددة في محاولة مساهمة البنك المركزي في مواجهة تحديات المناخ ومجال الطاقة النظيفة”.
وأكد، أن “تحفيز القطاع المصرفي نحو تمكينه من سياسات الإقراض يجب أن لا يتوقف على البنك المركزي، لأن هذا الدور للبنك المركزي هو دور استثنائي تمليه بعض الظروف، لكن الأول والأساس هو أن يكون القطاع المصرفي قادر بنفسه أن يتولى ويوفر إمكانيات الإقراض من خلال جلب الودائع ومن خلال قدرته المالية الذاتية”.
وأكمل العلاق: “سنعمل قريباً على وضع ستراتيجية وطنية للإقراض، وقدمت الورقة في الشهر الماضي عندما كنت خارج البنك المركزي، لكن إدراكاً لأهمية الإقراض المصرفية قدمت ورقة في مؤتمر في الجامعة المستنصرية عن بناء قواعد لسياسات الإقراض أو الستراتيجية الوطنية للإقراض”.
وبين أن “هذه المسائل المهمة جداً ووطنية لأن موضوع الإقراض لا يتعلق فقط في القدرات المالية للمصارف وإنما يتعلق في بيئة العمل وظروفه التنظيمية والقانونية وبكثير من العوامل التي تقع خارج الجهاز المصرفي، لذلك ستكون الستراتيجية مشتركة تعرض على الحكومة و الجهات الأخرى لتكون مسألة مشاركتها في دعم هذه الخطة لتوفير القرارات والإجراءات اللازمة لإنجاحها”.
وبين أنه “ألقي الضوء على بعض الإشارات التي يجب أن نركز عليها في المرحلة المقبلة، وهو بأن قدرة المصارف على الإقراض تعتمد على قدراتها في جلب الودائع وهذا هو دور القطاع المصرفي الموازنة بين الودائع والإقراض”، موضحاً أن “المؤشرات والبيانات تشير إلى أن القطاع المصرفي وصل إلى السقف الأعلى للاقراض لأن النسبة المحددة حسب تعليمات البنك المركزي هي 70% من الودائع، وتقريباً وصل القطاع المصرفي إلى هذه النسبة مما يتطلب أن تكون هناك جهود كبيرة لجذب الودائع للقطاع المصرفي”.
وأردف بالقول: “الكثير يتكلم عن محدودية الإقراض المصرفي، وحتى لا نقع باللوم على القطاع المصرفي فقط لأن هذه هي القدرات المتوفرة لديه، مما يتطلب أن تكون هناك خطة شاملة واسعة لجذب الودائع حتى يستطيع القطاع المصرفي أن يعبئها باتجاه منح القروض”.
وواصل حديثه: “لدينا أكثر من 70 ترليون دينار خارج الجهاز المصرفي للتداول وهذا مبلغ كبير جداً ويمثل نسبة عالية من الناتج المحلي الإجمالي، لذلك لابد من التركيز في المرحلة المقبلة على إيجاد الوسائل اللازمة لتنشيط حركة الإيداع من خلال عدة إجراءات في هذا الصدد، بعد أن أكملنا وضع خطة شاملة وستراتيجية واسعة للدفع الإلكتروني لتوسيع الربط بين هذه الأموال التي تقع خارج الجهاز المصرفي واستخداماتها التي يمكن أن تكون كبيرة وواسعة في حالة جذب هذه الأموال إلى القطاع المصرفي”.
ودعا محافظ البنك المركزي، القطاع المصرفي، إلى أن “يكون شريكاً أساسياً مع البنك المركزي في ما سيقوم به من توفير وسائل الدفع الإلكتروني على مستوى وطني واسع”، مردفاً بالقول: “وأيضاً من الأمور التي تقع على عاتق الجهاز المصرفي في هذا الصدد والاتجاه، هو إعادة النظر في الخدمات المصرفية كماً ونوعاً، لأن الخدمات المصرفية قطعت شوطاً كبيراً رغم العمر القصير لبعض المصارف، لكن بعضها وصل إلى مراحل متقدمة والبعض الآخر لا يزال بحاجة إلى الارتقاء بمستوى الخدمات المصرفية في أنواع مختلفة وفي طريقة التقديم”.
ونوه بأن “من الأمور الملفتة للنظر أن المسح الذي أجراه الصندوق العربي في دراسة عزوف الجمهور بالتعامل في القطاع المصرفي وخلافاً للتوقعات كان السبب الأول هو أن الخدمات معقدة وغير متيسرة بشكل مريح للمواطن في القطاع المصرفي، وهذه حقيقة موجودة وبحاجة إلى استنفار الجهاز المصرفي في إقراض المواطن وتقديم الخدمات اللازمة و بأفضل الأساليب والتقنيات، ومما يؤسف له أنه لاحظ أن المواطن في بعض فروع المصارف وكأنه يراجع دائرة إدارية معقدة او إحدى المحاكم في طريقة إيداعه أو سحبه للمبالغ”.
ولفت إلى أن “البنك المركزي أصدر إعماماً واسعاً للقطاع المصرفي في هذا المجال، وسيكون محط أنظارنا ومراقبتنا ميدانياً للخدمات المصرفية ومدى مواكبتها للمعايير وتحقيق الأهداف التي أشرنا إليها”.
وأكمل حديثه: “إن من المسائل التي من ندعو اليها لتقليل مخاطر الاقتراض بسبب النسب العالية، التعثر في تسديد الديون، وسنقدم المشروع لإنشاء شركة لضمان القروض، وهذه مهمة جداً وتوفر قدراً كبيراً ومرونة عالية للقطاع المصرفي لتقديم القروض”.
وأكد أن “القطاع المصرفي بحاجة إلى المزيد من الانتشار الجغرافي”، مضيفاً: ” نشيد ببعض المصارف التي امتدت إلى شبكات واسعة داخل العراق وندعو المصارف الأخرى إلى تعزيز هذا الانتشار في مناطق البلد”.
ونبه بأنه “من أجل تقليل المخاطر في ما يتعلق بالإقراض ومن أجل أن يكون هناك توازن في النمو القطاعي، لابد من تنويع المحفظة الائتمانية أو القروض، وهذا يشكل أماناً للجهاز المصرفي وتوازناً في النمو القطاعي، ونلاحظ أن هناك تبايناً في هذا المجال وهذا يتطلب الأخذ بعين الاعتبار، وخير دليل على ذلك الانهيار الذي تعرض له مصرف السيليكون غالي، بسبب واضح جداً وهو التركز الائتماني في قطاع معين، وكان هذا السبب الرئيس في انهيار المصرف”.
وشدد على أن “القطاعات في العراق بحاجة إلى تحفيز ونمو وبناء، لذلك التركيز على قطاع معين يجب أن لا يكون هو الهدف والنتيجة النهائية للقروض المصرفية كما حصل الآن نلاحظ هناك التركيز على القطاع العقاري والإسكان وهو مهم ولكن في المقابل نلاحظ الإقراض المتعلق بالقطاع الزراعي والصناعي والخدمات لايزال في أدنى مستوياته”.
وختم قائلاً: “نحن بحاجة إلى بناء الستراتيجية الوطنية للإقراض المصرفي، يقودها البنك المركزي ويعرضها على القطاع المصرفي الأهلي لإبداء الملاحظات والآراء، ثم نبدأ بالعمل عليها بما يحقق الأهداف التي ذكرت”.
المصدر: وكالة الانباء العراقية