د. عبد الخالق حسن
كعادتها في ضرب المواعيد مع الأحداث، احتضنت بغداد حدثا مهماً، حين اجتمع فيها الاتحاد البرلماني العربي بدورته الرابعة والثلاثين.
قيمة هذا المؤتمر وغيره، تأتي من أن العراق، أصبح اليوم محوراً جاذبا تقصده الدول، وتتسابق إليه العواصم، بعد أن كان سابقاً مصدر قلق وخوف، لا يتناوله الإعلام إلا في السيئ من الأخبار.
الأهم هنا، هو الانفتاح العربي على العراق، بعد جفاء وتردد وابتعاد استمر سنوات، بسبب الموقف العربي من التغيير الذي حصل في العراق.
وهذا الأمر يؤشر، بطبيعة الحال، إلى قدرة العراقيين وحكومتهم اليوم على قيادة التحولات، وممارسة سياسة محترفة، تنأى بالعراق عن أن يكون محطةً لتصفية الصراعات وتصادم الإرادات.
فمنذ أن شكل رئيس الوزراء السيد محمد شياع السوداني حكومته، لمسنا التغيير الإيجابي، الذي اتخذ الحياد السياسي داخلياً وخارجياً منهجاً لأداء الحكومة. فعلى المستوى الداخلي، انهمكت الحكومة في تطبيق برنامجها الحكومي الذي استند إلى منهاجها الوزاري، وتركت الصراعات السياسية، والإشكالات والخلافات التي كانت تغرق فيها الحكومات السابقة، لتمارس دورها التنفيذي من دون أن تتلكأ أو تنشغل عن مهامها.
وعلى الصعيد الخارجي، كان قرار السوداني هو انتهاج ما سماه (الدبلوماسية المنتجة) التي تستثمر في العلاقات من أجل الربح السياسي والاقتصادي، بدلاً من الدبلوماسية التي تكتفي بالبروتوكول ولا تتعداه. لهذا رأينا اهتماماً عربياً ودولياً بإعادة تفعيل التعاون السياسي والاقتصادي مع العراق.
وكان من ثمار هذا التعاون عقد اتفاقيات مع العديد من الدول العربية والأجنبية.
لهذا، يحق لنا اليوم التفاؤل في أن يستمر العراق بالتحولات الإيجابية التي ستثمر لاحقاً، لتعويضه عمَّا فاته من تنمية.