أشاد نواب ومختصون في قضايا النزاهة ومكافحة الفساد، اليوم الخميس، بتوجيه رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني إلى هيئة النزاهة تشكيل هيئة عليا لمكافحة الفساد، فيما عدوا ذلك خطوة استثنائية باتجاه القضاء على هذه الآفة في العراق.
وقالت عضو لجنة النزاهة النيابية عالية نصيف، لوكالة الأنباء العراقية (واع)، إن “الفساد في العراق استثنائي ويحتاج إلى وضع استثنائي”، مبينة أن “رئيس الوزراء لم يبتعد عن الدوائر الرقابية في مواجهة الفساد حيث شكل هيئة عليا من هيئة النزاهة، لأن هناك خطوط حمراء خاصة بالفساد المرتبط بالدرجات الخاصة والهيئات الاقتصادية”.
خطوة إلى الأمام
وأضافت نصيف، أن “إيجاد لجنة أو خلية ساندة برئاسة أبو علي البصري، تعتبر خطوة لدفع هيئة النزاهة إلى الأمام، لذلك فان رئيس الوزراء لم يذهب إلى تشكيل لجنة من قضاة أو أدوات تنفيذية وإنما استخدم هيئة النزاهة وأعطاها جرعة إضافية ساندة في مواجهة الفساد”، مؤكدة أن “هناك ملفات فساد كبيرة منها تهريب النفط الذي يجري من قبل جهات ومن ضباط لهم ارتباطات، وكذلك ملف الأمانات الضريبية والعقارات وملف فساد العقود والخروقات التي تحصل، وكلها تحتاج إلى إجراءات استثنائية”.
وأشارت إلى أن “رئيس الوزراء اتخذ إجراءات استثنائية حيث يتجه بخطين خط الخدمات والآخر محاربة الفساد، وهذه الخطوات ستمكنه من العبور بالبلد إلى بر الأمان”.
تكامل الأدوار بين السلطات
من جانبه، أكد المختص بقضايا مكافحة الفساد سعيد ياسين موسى، لوكالة الأنباء العراقية (واع)، أن “الفساد في العراق سياسي، حيث إن النظام السياسي بني على المحاصصة وتكليف غير ذوي الخبرة والكفاءة والنزاهة في الوظيفة العامة القيادية نتج عنه غياب المساءلة والمحاسبة بشكل جدي وكذلك تطبيق قانون العفو العام على السراق دون استرداد الأموال من المعفو عنهم وإعادة تكليفهم بالوظيفة العامة والترشيح في انتخابات مجلس النواب”.
وأضاف موسى، أن “تفكيك الفساد يتم من خلال تطبيق مبادئ نظام النزاهة الوطني مع تعدد وتكامل الأدوار بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية والجهات الرقابية ومن خلال ردم الفجوة القانونية بين العراق والمتطلبات الدولية في مكافحة الفساد وتشريع قوانين تلبيتها”.
المنظومة العقابية
ولفت إلى أن “المنظومة العقابية غير رادعة مما يستدعي تعديلها أو تشريع قانون عقوبات جديد يتم فيه تشديد العقوبات في المواد العقابية ذات العلاقة بجرائم الفساد مع دعم الهيئات الرقابية وإعادة الرقابة الاستباقية كذراع رقابية للسلطة التنفيذية”.
وتابع: “فضلا عن اعتماد تكليف النزاهة والخبرة والكفاءة في الوظيفة العامة وإنهاء دور الهيئات الاقتصادية مع تشريع قانون العقود والمناقصات الحكومية واعتماد جدول أسعار وفق المعايير، منعا لتقديم الأسعار واستحداث نظام متابعة ونظام تلقي الشكاوى وتبسيط إجراءات مراجعة الدوائر الحكومية لاحتواء جريمة الرشوة وتنظيم عقوبتها كالطرد من الوظيفة العامة مع التجريم وفق القانون وتعزيز سيادة القانون وإنفاذه بعدالة وصرامة على الجميع دون محاباة وتمييز”.
وأشار إلى أنه “حتى الآن إجراءات الحكومة ومن بينها تشكيل هيئة مكافحة الفساد تسير بخطى واضحة وحثيثة ووضوح الرؤية للسوداني يتطلب دعما تشريعيا وسياسيا ومجتمعيا له بوجود جهاز تنفيذي فعال يلتزم بالبرنامج الحكومي من خلال وضع السياسات العامة واستراتيجيات قطاعية لتحسين الأداء يعتمد على التقييم والتقويم للأداء العام بشكل دوري”.
خطوة ناجحة وفق التجارب الدولية
بدوره أكد رئيس شبكة النهرين لدعم النزاهة والشفافية محمد رحيم الربيعي، لوكالة الأنباء العراقية (واع)، أن “التوجه الحكومي لدعم النزاهة يعتبر خطوة ناجحة وفق التجارب الدولية ومتطلبات مكافحة الفساد على وفق اطر قانونية”.
وأضاف، أنه “تم تحديد ظواهر الفساد ووضع مؤشرات لقياس مستوى التقدم المحرز، وخلال الاسبوع المقبل ستختتم الفرق المعنية بتطبيق الاستراتيجية الوطنية لدعم النزاهة ومكافحة الفساد تحليل ظواهر الفساد وتقييم وضع المؤسسات وتحديد جدول زمني لمعالجة ظواهر الفساد، لتباشر الجهات المعنية بالعمل على غلق فجوات الفساد وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطن”.
وأشار الى أن “تشكيل هيئة عليا لمكافحة الفساد يعتبر خطوة جيدة وفقا لتجارب دولية لكن يجب أن تسترد الاموال وتعلن النتائج الى المجتمع بشكل شفاف كي يعزز ذلك ثقة المواطن بالمؤسسات الحكومية ويدعم بناء دولة مؤسسات”.
وأمس الأربعاء، أعلنت هيئة الـنزاهـة الاتحادية، عن تأليف هيئة عليا للتحقيق بقضايا الفساد الكبرى والمهمة المودعة في مديريات ومكاتب تحقيق الهيئة في بغداد والمحافظات وما يحال إليها من قضايا.
وذكر بيان للهيئة، تلقته وكالة الأنباء العراقية (واع)، أن “رئيس هيئة الـنزاهـة الاتحادية حيدر حنون أصدر أمرا وزاريا بتأليف (الهيئة العليا لمكافحة الفساد)؛ للتحقيق بقضايا الفساد الكبرى والمهمة”، مشيرا إلى أن “الهيئة المؤلفة التي يرأسها حنون تضم في عضويتها مديري دائرتي التحقيقات والاسترداد في الهيئة، بالإضافة إلى مجموعة من محققيها يتم اختيارهم من قبل رئيس الهيئة (قابلين للتغير)، وللهيئة الاستعانة بتحريين وإداريين من موظفيها”.
وأوضح البيان، أن “تأليف هذه الهيئة يأتي انطلاقا من واجب هيئة النزاهة في منع الفساد ومكافحته بأيسر وأسرع الطرق المتاحة قانونا، ومن أهمية إنجاز التحقيق في قضايا الفساد المنصوص عليها في قانونها لا سيما قضايا الفساد الكبرى والمهمة، وضمن السقف الزمني المحدد”، لافتا إلى أن “ذلك يرمي للحد من الفساد وتقليص مسالكه ومنع استمراره ومعاقبة مرتكبيه، بما ينسجم مع أهمية وحجم تلك القضايا، إذ إن تأليف الهيئة يأتي وفق أحكام المادة (3/سابعا) من القانون”.
وتابع أن “المادة (3/سابعا) من قانون الهيئة تنص أنها تعمل على المساهمة في منع الفساد ومكافحته عبر أمور، منها: القيام بأي عمل يساهم في مكافحة الفساد أو الوقاية منه بشرطين: أ- أن يكون ذلك العمل ضروريا ويصب في مكافحة الفساد أو الوقاية منه، ب- أن يكون فاعلا ومناسبا لتحقيق أهداف الهيئة”.
وأوضح المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني، اليوم الأربعاء، الهدف من تشكيل الهيئة العليا لمكافحة الفساد والفريق الساند لها والواجبات المناطة بهما.
وقال المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء في بيان تلقته وكالة الأنباء العراقية (واع)، إنه “بتوجيه مباشر من رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، وبهدف مكافحة الفساد، طبقا للمنهاج الوزاري، بآليات غير تقليدية تتجاوز السلبيات السابقة، شكلت هيئة النزاهة، اليوم تشكيلا استثنائيا بعنوان “الهيئة العليا لمكافحة الفساد”، مبينا أن “هذا التشكيل يهدف لتسريع مواجهة ملفات الفساد الكبرى واسترداد المطلوبين بقضايا الفساد والأموال العامة المعتدى عليها”.
وأضاف أن “السوداني وجه أيضا بتشكيل فريق ساند بصلاحيات واسعة، وذلك لتقديم الإسناد الكامل للهيئة العليا لمكافحة الفساد في فتح تلك الملفات”، مشير الى أن “الفريق يترأسه المدير العام في وزارة الداخلية عبد الكريم عبد فاضل”.
وتابع المكتب أن “السوداني وجه ايضا أن تكون إجراءات عمل الفريق من خلال توفير جميع الضمانات التي أوجبها الدستور والقوانين، خصوصا ما يتعلق بحقوق الإنسان”.
جائحة الفساد
وكان رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، قد أطلق مصطلح “جائحة الفساد”، خلال جلسة نيل الثقة في مجلس النواب، الخميس (27/تشرين الأول/2022).
وقال السوداني، في كلمته، إن “جائحة الفساد التي أصابت جميع مفاصل الحياة هي أكثر فتكا من جائحة كورونا وكانت السبب وراء العديد من المشاكل الاقتصادية وإضعاف هيبة الدولة وزيادة الفقر والبطالة وسوء الخدْمات، وعليه فإن برنامجنا يتضمن سياسات وإجراءات حازمة ومتعددة الجوانب والمستويات لمكافحة هذه الجائحة”.
المصدر : وكالة الانباء العراقية