أكد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، اليوم الثلاثاء، ثقته بالحكومة الجديدة، وفيما شدد على ضرورة أن تكون لها موازنة سريعة، دعا القوى السياسية الى دعم رئيس الوزراء المكلف ومنحه الحرية في اختيار كابينته الوزارية.
وقال الكاظمي في كلمة له خلال جلسة مجلس الوزراء التي عقدت اليوم، وتلقتها وكالة الأنباء العراقية (واع)، “أبارك لرئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد، مباشرة مهامه في قصر السلام، وأتمنى لرئيس الوزراء المكلّف محمد شياع السوداني التوفيق في تشكيل الحكومة”، مبينا أن “المهمة صعبة، وأتمنى من القوى السياسية أن تعمل على تسهيل مهمة السوداني، وتمنحه الحرية في اختيار كابينته الوزارية ليقوم بخدمة شعبه، وهي حرية تم حرماننا منها”.
وأضاف، “لنا ثقة كاملة بالحكومة الجديدة، ويجب أن تكون لها موازنة سريعة للقيام بمهامها وواجباتها تجاه الشعب”، مشيرا الى أن “ظروف تشكيل هذه الحكومة بدأت بظرف اجتماعي معقد كانت أغلب مدننا بيد أبنائنا المتظاهرين الذين طالبوا بإصلاح النظام السياسي وتوفير الحد الأدنى من الأمور التي تضمن كرامة وحياة المواطنين، حيث دفعت هذه الحركة التي أسمّيها بالثورة بالكثير من الشهداء من شبابنا، والكثير من الاصابات الخطيرة؛ من أجل كرامة ومستقبل العراق”.
وتابع أن “هذه الحكومة جاءت وتشكلت بوضع اقتصادي صعب جداً، حيث كنا على حافة انهيار اقتصادي حقيقي، وكانت تحديات وضع كورونا وانهيار أسعار النفط، وكذلك الصراع الدولي الذي أراد البعض أن يحول العراق إلى حديقة خلفية للصراعات الدولية والإقليمية، الا اننا تمكنا بالصبر والحكمة من عبور تلك التحديات”.
وبين أنه “وضعنا خطة إصلاح في الاقتصاد منذ اللحظة الأولى، وأسسنا لرؤية اقتصادية جديدة عن طريق الورقة البيضاء، ونجحنا بأن ننقذ اقتصادنا وانتقلنا به من مرحلة الانهيار إلى مرحلة النمو”، موضحا أن “العراق سجل الآن حسب تقرير دولي صدر الشهر الجاري، أسرع نمو بالشرق الأوسط وثاني دولة بالعالم بنسبة نمو 9,3% “.
وأكد أن “هناك من يشكك بالحكومة ولا يريد لهذه النجاحات أن تسجل باسمها، حيث إن البعض يقول إن الوثيقة قديمة في حين أنها صادرة في شهر تشرين الأول، ومع كل هذا البعض شكك بإصلاحات هذه الحكومة، وبكل الإجراءات الصحيحة التي قامت بها”، مبينا أن “عمر هذه الحكومة سنتان ونصف، حيث عملت لثمانية وعشرين شهراً ولم تستلم فقط ستة أشهر من الموازنة، ومع كل هذا نجحنا بعبور مرحلة مهمة”.
وذكر أن ” احتياطي البنك المركزي كان هابطاً لحظة استلامنا للحكومة حيث كان 49 مليار دولار، واليوم لدينا احتياطي 85 مليار دولار، وكان لدينا احتياط الذهب قريب من 96 طنا، واليوم أصبح بحدود 134 طناً”، مشيرا الى أن “ذلك لم يأت اعتباطاً، فالبعض يقول من أسعار النفط وهذا ليس صحيحاً، والكثير من دول العالم ارتفعت أسعار النفط لديها، لكن لم يسجل نمو لديها، وهذا يعود للورقة الإصلاحية التي طبقناها”.
ولفت الى انه “منذ اللحظة الأولى كانت لدينا رؤية لإصلاح وزارة المالية، التي تبناها الوزير السابق، وقدمنا مجموعة من مشاريع الإصلاح، وكانت تجابه باعتراضات شديدة من قبل برلمانيين وكتل سياسية لمنع الإصلاح في وزارة المالية والبقاء على آليات تقليدية لا تلائم العصر”، موضحا أن “وزيرا سابقا قدم مشروع المحاسبة الشاملة التي تتطلب أتمتة وأساليب حديثة، لكن الجميع حاربها، ومع ذلك مضينا بالعمل بها، وهي تستغرق وقتاً”.
وأشار الى أن “المحاسبة الشاملة تساعدنا في إيقاف الهدر وتحد من الفساد وإيقاف التلاعب في العديد من القضايا، كما حصل في موضوع الأمانات بهيئة الضرائب التي أعلنا عن كشفها وحاول البعض أن يحمي الفاسدين واللصوص وتحويل الاتهام إلى الحكومة”، مؤكدا أن “هذا الموضوع لا يخص الحكومة بل دائرة من دوائر وزارة المالية، ومع كل هذا أنا أول من نبهت الوزير السابق عن هذه الظاهرة في عام 2021، ووجهته بالقيام بتحقيق، وفي ضوء التحقيق أصدر أمراً بمنع صرف أي أمانات بالضرائب بدون استحصال موافقة الوزير”.
وأشار إلى أن “البعض يحاول أن يعرقل أي نجاح، منذ اليوم الأول أعلنا عن مشروع محاربة الفساد، حاربنا الفساد وتعرضنا لضغوط كبيرة وتهديدات وابتزاز، ورأينا أن الحكومة لم تحصل على رعاية برلمانية لأسباب معروفة وإنما معارضة لها مستمرة، بسبب تضرر مصالح البعض، أعلنا منذ اليوم الأول محاربة الفساد وسوف ننهي آخر يوم من عمر الحكومة بمحاربة الفساد”.
وبين الكاظمي أن “ما تم إعلانه عن موضوع الضرائب هو واحد من التحديات الكبيرة،”، لافتا الى أن “التأريخ سينصف هذه الحكومة، وستبين ذلك التحقيقات التي يقوم بها القضاء بكل هدوء”.
وأكد أن “القضاء شرع في التحقيقات منذ شهور وبكل هدوء، لكن البعض عرف أن المساءلة ستصل إليه، فحاول أن يثير ضجّة، ويستغل بعض الظروف لخلق الفوضى والتغطية على الفاسدين الحقيقيين وأسباب هذه المشكلة”، مضيفا “عندما لم تنجح الوزارة منذ أكثر من 17 سنة، في إيجاد نظام أتمته الكتروني يتكامل مع العصر وآليات الحساب الصحيحة، ولو كانت هذه الأنظمة موجودة لما وقعنا في هذه الإشكاليات”.
وأوضح أن “قضّية الأمانات الضريبية عمرها طويل ولا علاقة لها بهذه الحكومة وهي قديمة، لكن مع كل هذا اتخذنا قراراً بموضوع المحاسبة الشاملة وتنفيذه، لكنه يحتاج إلى وقت لأنه يحتاج إلى إعادة هيكلية وترتيب بعض الاجراءات في الوزارة”، لافتا الى ان “الضجة التي حدثت بشأن أتمته الكمارك، أيضاً تسببت بمشكلة، وكانت هناك اعتراضات كثيرة من البعض، لكن الحمد لله وقعنا اتفاقيات مع الأمم المتحدة لإعادة أتمتة بعض المفاصل في وزارة المالية وهي تستغرق سنيناً طويلة، وكان من المفروض الشروع بها منذ عام 2003، وقد اعتمدتها جميع دول المنطقة”.
وتابع أن “الأنظمة الكمركية التي اقترحناها تتلاءم وتتكامل مع 90 دولة في العالم، من ضمنها كل دول الجوار العراقي، لكن مع الأسف الشديد هناك من يحاول أن يبتز الحكومة ويخرج بخطابات شعبوية وابتزازية هدفها التسقيط، ومنع أي إنجاز لهذه الحكومة”، مؤكدا “وجود أطراف عديدة حاولت أن تضغط، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، أًلّا تقوم الوزارة بإجراءاتها، مع كل هذا فالحكومة التزمت سياسة الصمت تحاشياً لأي محاولة لإحباط الناس”.
وبين “اننا سكتنا كي لا نصنع اليأس، ولسنا قليلي المعرفة بما يحصل على الأرض، والدولة تعرف كل شيء، ولو كانت الدولة تريد أن تفتح الملفات فإنها ستتسبب بزلازل، والوضع العراقي لا يتحمل الزلازل، إنما بحاجة إلى البناء والصبر من أجل مستقبل العراقيين”، مشيرا الى ان “هناك من استغل سياسة الصمت التي تبنيناها منذ اللحظة الأولى، والعراق فيه مشاكل وتحديات كثيرة، ولجأنا مبكراً إلى سياسة الصبر والصمت، ولم نكن راغبين في تضخيم المشاكل أو الدخول في مناكفات سياسية في بيئة أصبح الفقر جزءاً منها وقلة توفير الخدمات والقصور في التعليم”.
وذكر “اننا لم نرغب بالدخول في مناكفات وبالتالي نصنع اليأس عند الشعب، فآثرنا الصمت وندع عملنا هو الذي يبرز نفسه، ولم نرغب في إحباط عزيمة الشعب”، لافتا الى “اننا تحملنا من أجل عيون الناس الكثير من الاتهامات والافتراءات وحتى محاولات الاغتيال، حيث تعرضت لثلاث محاولات اغتيال ولم أطور الموضوع، رغم أن المحاولة الأخيرة شهدت ضغوطاً دولية لتدويلها، ورفضت حماية للعراق وللعراقيين”.
وأشار الى أن “هناك من يحاول أن يشكك بأي خطوة تقدم عليها الحكومة لصالح العراقيين، مع كل هذا فإننا يجب أن نحمي كل من رفع راية محاربة الفساد، والناس تعرف أن هذه الحملة للتشويش تأتي لمحاولة حرف التحقيق أو التأثير عليه بتهم باطلة، والناس تعرف من هم الفاسدون، ويعرفون أن هناك حيتانا كبيرة وراء هذه العملية”، مبينا انه “لا توجد حكومة تفشل أو تنجح لأن لديها ثروات، والدولة الناجحة هي التي تستثمر في عقول الناس، ونرى أن الكثير من دول العالم لديها ثروات، ولكنها دول فاشلة. والكثير من دول العالم لا تمتلك ثروات، لكنها دول ناجحة لدينا سنغافورة نموذجاً، وتايوان، دول صغيرة لكنها تمتلك رابع أو خامس احتياطي في العالم، وبعض الأحيان يضطرون إلى استيراد الأحجار، وتمكنوا من بناء دول تحولت إلى إيقونات”.
وأكد أن “العراق يمتلك التأريخ والحضارة والثروات والجيل الشبابي والجغرافيا والثقافة، فكل مقومات النجاح لدينا، وما نحتاجه هو الأبوّة والصدق في التعاطي مع الملفات الخدمية”، مقدما الشكر لـ”الوزراء الملتزمين بصيانة المال العام والتزموا بالتوجيهات، وكذلك محاولتهم لتقديم الخدمات بأصعب الظروف، إذ لم تمر على العراق حكومة تبقى لسنتين من غير موازنة”، متسائلا “كيف واصلنا العمل إذن؟ وكيف نجحنا مع الحرمان من المال؟ لقد منعنا الاقتصاد من الانهيار، وبنينا نوعاً من النمو الاقتصادي في عالم يشهد تراجعاً كبيراً وتحديات كبيرة لجميع دول العالم”.
وذكر “اننا حصلنا على المركز الثاني في النمو الاقتصادي واليوم وزّعنا عليكم إنجازات الحكومة، في العام الماضي، واليوم ننهي هذا العام من عمر الحكومة مع تقديم التقرير للأداء الحكومي، ونسبة الإنجاز فيه هي نسبة عالية”، موضحا ان “البعض يشكل علينا أننا لم نسوّق الإنجازات، أقول نعم: لدينا خلل في التسويق كوننا لم نعتمد على المال الفاسد لصناعة جيوش إلكترونية، وأنا لا أومن بها، وأؤمن أن في السياسة يجب أن يكون هناك حد أدنى من صفات الفرسان والقيم الأخلاقية، لأننا نعمل من أجل الشعب، وليس من أجل أجندات حزبية أو مذهبية أو إثنية”.
ولفت الى “اننا حققنا الكثير مما نفتخر به كحكومة وكوزراء، وعلينا ألّا نلتفت إلى الأصوات النشاز التي تحاول أن تبتز تحت عناوين الحرص على المال العام بينما هي أكثر الأطراف تورّطاً بالهدر في الأموال”، موضحا “اننا أتممنا ما علينا، على والوزراء تهيئة كل الملفات أمام الوزراء الجدد، لكي نعمل وفق كل ما نستطيع من جهد”.
ودعا الكاظمي “القوى السياسية الى دعم الحكومة القادمة، وإعطاء فسحة لرئيس الوزراء المكلف أن يقوم بمهمته بأسرع وقت”، مخاطبا الوزراء بالقول “هيئوا أنفسكم والملفات فيما يخص تسليم زملائكم الوزراء القادمين، كل وزارة بوزارتها”.
وقدم الكاظمي الشكر الى “جميع من دعم هذه الحكومة”، موضحا أن “رهاننا وأملنا بالشعب العراقي أن يتفاعل وأن يتبنى الأمل بمستقبل أفضل من الحاضر”.