على الرغم من اقتراب فيروس كورونا من إتمام عامه الثالث، إلا أنه ما زالت هناك بعض الأمور المتعلقة بإصاباته ووفياته غامضة بعض الشيء، وخلال الأعوام الثلاثة أودى كوفيد-19 بحياة الملايين وأصاب مئات الملايين، وإلى الآن بقيت أسئلة كثيرة لا تجد إجابات شافية في عقولنا.
وقد أودى فيروس كورونا بحياة أكثر من 6.5 ملايين مريض، فيما أصيب به أكثر من 620 مليون شخص حول العالم، بحسب الإحصاءات الرسمية، فيما قد تكون الأعداد الحقيقية أكثر من ذلك بكثير.
وفي آخر التطورات، حدد فريق بحثي من مدرسة طب بمستشفى ماونت سيناي بمدينة مانهاتن الأميركية، ما وصفوه بأنه “السبب المناعي الرئيس لحالات كوفيد-19 الشديدة”.
وخلال دراسة منشورة في العدد الأخير من دورية “ساينس ترانسليشنال ميدسين” Science Translational Medicine، رسم الفريق البحثي بدقة سيناريو الانهيار لدى حالات كورونا الشديدة، والذي يبدأ بفقدان الخلايا المناعية المسماة “الضامة” التي تعيش عادةً في الرئة وتنظم إصلاح الأنسجة، يليه تدفق خلايا الضامة الجديدة من الدم إلى الرئة مسببةً الالتهاب.
ويقول الباحثون، في تقرير نشره الموقع الرسمي لمستشفى ماونت سيناي: “قد يكون منع دخول هذه الخلايا التي تسبب الالتهاب ومنع فقدان الضامة المقيمة في الرئة بمثابة استراتيجية علاجية لعلاج المرض وأمراض الرئة الفيروسية الأخرى”.
وخلال الدراسة، تم جمع عينات الدم وسوائل الرئة من عناصر تحكُّم صحية و583 مريضاً بكوفيد-19 تم قبولهم بمستشفى ماونت سيناي. واستخدم الباحثون بروتينات المصل والتنميط الظاهري للخلايا المناعية لمقارنة الاستجابات المناعية للمجموعتين وتحديد الأسباب المحتملة لشدة المرض التي يمكن أن تتنبأ بالمرضى الأكثر تعرضاً للخطر وتوجيه بروتوكولات العلاج الجديدة.
ووجد الباحثون أن شدة كوفيد-19 كانت مرتبطة بتحول في الوظائف المتخصصة لمختلف مجموعات البلاعم في الرئة، وقد يفسر هذا جزئياً لماذا كبار السن، الذين لديهم عدد أقل من الضامة التعويضية المقيمة في الرئة، يمكن أن ينتجوا المزيد من البلاعم الالتهابية المشتقة من الدم، وقد يكونون عُرضة للإصابة بمرض شديد، كما يقول الباحثون.
وأكد الباحثون أن الدراسة تسلط الضوء على الحاجة إلى تحسين قياسات جهاز المناعة لدى المرضى.
وتقول العالمة مريم مراد، رئيسة “معهد علم المناعة الدقيق” بمدرسة الطب بمستشفى ماونت سيناي: “الاختبارات المناعية المتاحة سريرياً محدودة للغاية، وهو أمر مؤسف يجب علاجه، لأن فهم تكوين الخلايا المناعية المنتشرة في الدم، والجزيئات الالتهابية التي تنتجها، يمكن أن تكون مفيدة للغاية وتساعد في تحديد علاجات جديدة للكثير من الأمراض المختلفة”.
وتضيف: “تُظهر دراستنا أن التنميط المناعي يمكن أن يساعد في تقسيم المرضى إلى طبقات وفقاً لأسباب المرض لديهم وتحديد الاستراتيجيات العلاجية المصممة لهذه الأسباب، وفي التحقيق الذي أجريناه، كان من الممكن أن تستفيد مجموعة فرعية من المرضى بشكل كبير من استعادة البلاعم المقيمة في الرئة، وكان استخدام دراسات التوصيف المناعي في العيادة سيساعد في إجراء هذه التدخل مبكرا قبل تطور المرض”.
ويتتبع الباحثون الآن مجموعة كوفيد-19 الموضحة في هذه الدراسة لمقارنة التنميط المناعي الشامل للمرضى الذين أُصيبوا لفترة طويلة بالفيروس مع أولئك الذين يتعافون تماماً، من أجل تحديد الدوافع واستراتيجيات العلاج لفيروس كورونا لفترات طويلة.
المصدر: العربية