نشرت دائرة العلاقات العامة في مجلس القضاء الأعلى، اليوم الخميس، إحصائية عن معدلات العنف الأسري في ما يخص الأطفال والنساء وكبار السن خلال عام 2021 ومطلع العام الحالي حتى حزيران منه، معلنة تسجيل تصاعد في عدد دعاواها لاسيما خلال فترة اجتياح جائحة كورونا وما بعدها.
وجاء في الإحصائية التي اطلعت عليها وكالة الأنباء العراقية (واع)، أن “المحاكم سجلت خلال عام 2021 وهو العام الذي تفشت فيه جائحة كورونا بشكل كبير (1141) دعوى عنف أسري ضد الأطفال، وكان لـمحكمة استئناف بغداد الكرخ النصيب الأكبر بـ(267) دعوى، بينما كان عدد دعاوى العنف التي تخص النساء (18602) دعوى، في حين بلغت دعاوى تعنيف كبار السن (2622) دعوى سجلت محكمة استئناف بابل (426) دعوى منها”.
وتشير الإحصائية للنصف الأول من العام الحالي، إلى أن “عدد دعاوى العنف الأسري بلغ (10143) دعوى توزعت مابين (500) دعوى عنف ضد الأطفال و(7947) دعوى تعنيف نساء و( 1696) دعوى خاصة بتعنيف كبار السن”.
ويقول قاضي الأحوال الشخصية في محكمة استئناف ديالى، القاضي سيف حاتم، تعليقاً على هذه الأرقام، بحسب بيان للمركز الإعلامي لمجلس القضاء الأعلى، إن “جائحة كورونا ساهمت في تفاقم الخلافات الأسرية نظراً لملازمة العائلات للمنازل والأزمة الاقتصادية الصعبة التي رافقتها بسبب توقف الكثير من الأعمال، حيث تزايد العنف ضد النساء، وتصاعدت التحذيرات من اضطرابات نفسية وانحرافات سلوكية في حال مكوث الناس لفترات طويلة في المنزل إذ تعرضت النساء والأطفال لعنف أكثر مما كان من السابق”.
ويوضح القاضي حاتم، أن “العنف ضد الأطفال تظهر آثاره الوخيمة خلال السنوات القادمة فمن المتوقع وقوع اضطرابات نفسية وانحرافات سلوكية قد تصل بهم إلى ارتكاب جرائم ومن أخطرها تعاطي المخدرات”، لافتاً إلى أن “جميع حالات العنف الأسري التي وردت إلى المحكمة لم تكن خطيرة وإنما كانت الشكاوى عن السب والشتم واعتداءات جسدية وسحجات وشكاوى تتعلق بالأطفال”.
ويلفت، إلى ان “هذا الارتفاع في عدد الدعاوى القضائية بسبب آثار جائحة كورونا وتبعاتها السلبية وكذلك بسبب التأثيرات السلبية لمواقع التواصل الاجتماعي أو دواع اقتصادية أو مشاكل أسرية أخرى”، مشيراً إلى أن “التقاليد الاجتماعية والمخاوف الأخرى قد تمنع بعض النساء من إقامة دعاوى قضائية ضد أزواجهن خوفا من ردود الأفعال الانتقامية أو التشدد”.
وأكد، أن “العنف الأسري لم يتوقف على عنف الأزواج ضد زوجاتهم بل العكس حيث سجلت حالات عنف زوجات بحق أزواجهن بالإضافة الى عنف الآباء ضد أبنائهم وبالعكس، وقد سجلت مديرية الأسرة والطفل (العنف الاسري) 768 دعوى عام 2019 و735 دعوى عام 2020 و1361 عام 2021 و985 عام 2022”.
ويرى القاضي، أن “أسباب تنامي أو انتشار ظاهرة العنف الأسري قبل الجائحة تعود إلى الوضع الاقتصادي العام والركود بعد 2014 وهجوم عصابات داعش الإرهابية إضافة إلى أن هناك دوراً سلبياً لمواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة، فمثلاً عندما تحدث حالة انتحار في إحدى القرى نلاحظ أن مئات المواقع تقوم بالنشر والترويج للخبر بشكل سلبي وبكافة التفاصيل مما يشجع على تكرار هكذا حالات”.
وكان مجلس القضاء الأعلى، قد أصدر بياناً في 10/1/2021 يتضمن تشكيل محكمة متخصصة بالنظر بقضايا العنف الأسري إضافة إلى أعمالها يكون مقرها في مركز لكل منطقة استئنافية.
من جهتها، تقول القاضية سيماء نعيم عويد المختصة بقضايا العنف الأسري في محكمة استئناف بغداد الكرخ، وفقاً للبيان، إن “العنف الأسري هو أي إيذاء بدني أو نفسي يتعرض له أي فرد من أفراد الأسرة بناء على ما استقر عليه قضاء محكمة التمييز الاتحادية الأسري من زوج أو وزوجة او أولاد او أي فرد تربطهم صلة القرابة ويسكنون معا ورغم أنه لا يوجد نص قانوني دقيق حدد من هم مشمولون بالعنف الأسري لكن استقر الرأي أنهم افراد الأسرة وأطرافها”.
وتضيف القاضية عويد، أن “عدم تحديد أو ترك الباب مفتوحاً لتحديد أفراد الأسرة لم يصعب الإجراءات على المحكمة لأننا ننظر كقضية حتى تنظرها المحكمة لأن الأسرة وأطرافها ليس من الصعب تحديدهم أو درجة القرابة لأهل الزوج والزوجة، لذا نتحدث عن الأمور التي تخص الأسرة نفسها كقضايا الحضانة مثلاً لاسيما بعد انتهاء العلاقة الزوجية فليس من الصعوبة على قاض أو أي شخص قانوني تحديد الأشخاص المشمولين بقضايا العنف الأسري”.
وحول حالات العنف الأسري خلال فترة كورونا وما بعدها، قالت القاضية، إن “النسبة ازدادت نسبياً واحتجاز الأسر بداعي الحجر الصحي أثر على سلوكهم إلا أن الإجراءات ذاتها تتخذ في المحكمة، لم تختلف من جهة البحث الاجتماعي او الضباط المختصين في بذل الجهد، علماً أن الضابطات من المختصات بالبحث الاجتماعي والنفسي”.
وتفضل القاضية، “وجود نصوص عقابية خاصة بالعنف الأسري كون القانون المطبق هو قانون العقوبات العراقي”، لافتة إلى أن “أهمية هذي المحكمة تكمن في خصوصية دعاواها حيث تنظر بشكل يختلف عن باقي الدعاوى في مكاتب المكافحة ومراكز الشرطة التي تبحث في النقاط المشتركة لأطراف الدعوى دائماً ما تكون بسبب الظروف الاقتصادية والأمنية وما مر به البلد حيث لا يصل للصلح إلا بعد ضغوط”.