تعد البصرة القديمة جنوبي العراق ومنذ القدم منبعاً للثقافة والعلم حيث أبي الأسود الدؤلي في النحو والجاحظ وكتبه البيان والتبيين والبخلاء وفيلسوف العرب الكندي، ولا يخفى سوق المربد حيث شهرة الفرزدق وغيره ممن أسهموا في تأصيل الحركة الثقافية، فأصبحت البصرة القديمة وقتها محتوى لجميع الأجناس الأدبية ومنبعاً للثقافة والفن حيث ولادة الثقافة الأولى في (البصرة القديمة) والتي كانت تسمى قديماً (البصيرة).
أعاد بناء المدينة ملك الفرس (أردشير) وقد قيل سابقاً إنها (حجارة بيضاء كانت في المربد) وقد بنيت على أنقاض مدينة قديمة ومدن مندثرة وهي من المدن المهمة التي بناها العرب عند الفتح الإسلامي العام 14 هـ الموافق 635 م، حيث كانت في بادئ الأمر معسكراً للجنود ومن ثم بنيت كمدينة كاملة لا تزال قائمة حتى يومنا هذا.
تعد أسرة (آل أبي بكرة) أول أسرة سكنت البصرة القديمة في العام 635 م والتي لها الدور البارز في إحياء الحركة الدينية والتجارية والزراعية والاقتصادية آنذاك، ونتيجة لمنبع الحركة الثقافية من البصرة القديمة بنيت حينها البيوت التراثية والتي تمثل اليوم (قصر الثقافة والفنون، اتحاد الأدباء العراقيين فرع البصرة، جمعية الفنانين التشكيليين فرع البصرة، هيئة السياحة والآثار، وغيرها من البيوت التراثية القديمة).
ونتيجة لأهمية هذه المنابر الثقافية، باشرت الحكومة المحلية في محافظة البصرة بإعادة إعمارها، حيث يقول رئيس جمعية الفنانين التشكيليين فرع البصرة، أحمد السعد، لوكالة الأنباء العراقية (واع)، إن الحكومة المحلية في محافظة البصرة باشرت بإعادة ترميم البيوت التراثية القديمة في منطقة البصرة القديمة والتي يبلغ عددها 42 بيتاً تراثياً، وهذه ليست الجولة الأولى للترميم بل تم ترميمها في السبعينات وكذلك كانت جولة أخرى لترميمها في التسعينات.
وأضاف السعد: أما البيت التراثي الذي يمثل جمعية الفنانين التشكيليين فرع البصرة فقد رمم في التسعينات فقط من حيث الأرضية والسقف لأنه كما يقال أقل عمراً من البيوت التراثية الأخرى حيث تم بناؤه في العام 1915.
وتابع: “عد أن قررت محافظة البصرة ترميم البيوت التراثية تمت المنحة من الاتحاد الأوروبي، وبعد أن جرى تنفيذ القرار أحيل المشروع إلى شركة مختصة حيث تمت المباشرة بالترميم في الأيام القليلة الماضية والبيوت التي تمت المباشرة بترميمها (قصر الثقافة والفنون، اتحاد الأدباء العراقيين فرع البصرة، وجمعية الفنانين التشكيليين فرع البصرة)، والمشروع القادم سيشمل (9 بيوت تراثية في محلة الباشا) وكذلك ستكون المحكمة القديمة من ضمن هذا المشروع.
وأردف بالقول: أما البيت التراثي الذي يضم حالياً هيئة السياحة والآثار في البصرة فقد تم ترميمه من قبل المحافظة قبل 7 سنوات تقريباً، وهذا المشروع سيشمل تجميل وتأهيل نهر العشار من منطقة السيمر إلى جسر الغربان حيث ستعمل له أكتاف جديدة بالإضافة إلى سياج في الجهة الأخرى وسيكون السياج تراثياً كما سيتم ترميم الجسور الأخرى في هذه المنطقة أي منطقة البصرة القديمة.
وأوضح قائلاً: سيكون دور الحكومة المحلية في محافظة البصرة ووزارة الثقافة وهيئة الآثار بالإشراف على المشروع فقط، أما المنحة والأمور المالية فهي من الاتحاد الأوروبي والتنفيذ من منظمة اليونسكو فهي التي أعدت التصاميم والكشوفات حيث كلفت المكتب الاستشاري الهندسي لجامعة الديوانية ليقوموا بالكشوفات.
وأكد السعد أن جميع الأنشطة الثقافية والعروض المسرحية والجلسات الأدبية والفنية والمؤتمرات التي كانت تعقد وتقام في هذه البيوت مؤجلة حالياً وذلك لحملة الترميم التي تخضع لها هذه البيوت.
المصدر : وكالة الانباء العراقية.