رغم الضجَّة الكبيرة التي أثيرت لوقتٍ طويلٍ حوله والمساجلات والمناكفات السياسيَّة منذ أشهر، إلا أنَّ دخول قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية حيز التنفيذ مرَّ بصمت وسكون وهدوء قبل أسبوعين من الآن، ورغم التنفيذ الفوري الواجب لبنود القانون بعد نشره في الجريدة الرسمية في 6 تموز الحالي، إلا أنَّ الجهات التنفيذية لازمت الصمت ولم تبدأ بعد الخطوات العملية لتطبيق فقرات القانون التي بشّرت بها بعض الجهات البرلمانية والحكومية، وقد تواصلت “الصباح” مع عشرات الجهات التنفيذية المستفيدة من فقرات القانون إلا أنها آثرت الصمت وعدم الرد بشأن تساؤلات (متى وكيف) ستطبق تلك الفقرات، وكأنَّ الأمر لا يعنيها من بعيد أو قريب.
وقال عضو اللجنة المالية النيابية جمال كوجر لـ”الصباح”: إنَّ الحكم على عدم تنفيذ القانون وعدم إدخاله بشكل فعلي حيز التنفيذ، غير صحيح، موضحاً أنَّ أيَّ قانون يتم تشريعه وخاصة إذا ما كان فيه شق مالي، فإنَّ تأثيره سيتضح عند تطبيقه بالكامل.
ونوّه بأنَّ القانون له توقيتان؛ جزء منه تنفذه الحكومة الحالية، والجزء الآخر تقوم بتنفيذه الحكومة المقبلة وقد خُصِّصت لها سبعة ترليونات و250 مليار دينار لتنفيذه.
وبيَّن بأنَّ الجزء الأول الذي ستقوم الحكومة الحالية بصرف أمواله سيكون قسم منه لتنمية الأقاليم، وهي تحتاج إلى مشاريع تقدم من قبل المحافظات، وجزء من تلك الأموال مخصص لتثبيت العقود الذين يحتاجون إلى تدقيق معاملاتهم، وجزء مخصص لتعيين 15 ألف خريج جديد، وهذا يحتاج إلى تدقيق ودراسة حاجة الوزارات والاختصاصات، وبالتالي كل ما تم ذكره يحتاج إلى عمل وجهد ووقت.
وأكد كوجر أنَّ الحكم على هذا القانون أو غيره بالفشل قبل أن يطبق غير دقيق وغير منصف، والخطوات المرتقبة التي سيراها المواطن ستكون عند تطبيق هذا القانون، لذا من السابق لأوانه الحكم عليه.
وأوضح أنَّ مجلس النواب سيتابع بحرص تنفيذ القانون.
من جانبه، أشار المحلل السياسي، الدكتور غازي فيصل، لـ الصباح إلى أنه بعد إقرار قانون الأمن الغذائي ودخوله حيز التنفيذ، يفترض أن يتم العمل عليه وفق إطار برنامج تتحمل مسؤوليته الوزارات والوزراء لتطبيق فقراته، بما يتعلق بموضوع التعيينات أو العقود أو مسألة المياه ومعالجتها وموضوع دعم الاستثمارات، كل جهة حسب تخصصها.
وبين أنَّ القانون في أساسه يوزع ضمن إطار برنامج طبقاً لأبوابه، ليتم تنفيذه من قبل جميع الوزارات المعنية.
وأوضح أنَّ الموضوع اليوم إجرائي ولا يتطلب سوى برنامج للتطبيق في إطار شق التنمية الوارد في القانون، وعدم تطبيقه غير جائز.
وأكد أنَّ الوزارات أو مجلس الوزراء إذا لم يذهبا لتطبيق القانون كلاً ضمن اختصاصه لاسيما مع توفر الأموال المعتمدة، فإنَّ مجلس النواب سيقوم بمحاسبة الوزارات المعنية التي لم تنفذه.
إلى ذلك، أوضح الخبير في الشأن الاقتصادي، نبيل جبار العلي، لـ”الصباح” أنه بصراحة عالية، فإنَّ الآمال التي بثها السياسيون للشعب العراقي بشأن قانون الأمن الغذائي ما هي إلا آمال واهية، الغاية منها الدفع والمساندة لتمرير قانون يتيح لحكومة تصريف الأعمال إنفاق 25 ترليون دينار إضافي على أبواب إنفاق تقليدية استهلاكية غير منتجة، وتمثل زيادة على التخصيصات العامة للبلد (120 ترليون دينار التي تنفق خلال سنة 2022).
وقال: إنه عكس ما يشاع، فقد يسهم تشريع هذا القانون في الإضرار بالمواطن العراقي، باعتبار أنَّ الإنفاق الحكومي العام قد يرتفع من 10 ترليونات دينار شهرياً ليصل إلى 15 ترليون دينار شهرياً بعد دخول القانون حيز التنفيذ، ما قد يسهم برفع مستويات التضخم في ظل سياسة إنفاق غير مدروسة وسياسة نقد متساهلة.
المصدر : جريدة الصباح