إبراهيم سبتي
إن من أهم مشاعر الحرص والحفاظ على المال العام من العبث او الاخلال او الازدراء، هي المشاعر العفويَّة والتلقائيَّة، التي تتجلى في دواخل الناس الذين يشعرون بالمسؤولية والوطنية على حد سواء، فالمال العام او الممتلكات العامة، صارت للأسف مرتعا للتخريب والاتلاف والتدمير والعبث والاستهتار بها، من قبل البعض من الذين لا يضمرون الا البغض وربما لا شيء إطلاقا، وهو مجرد تهديم وتدمير وشعور بالراحة.
لقد لاحظنا الممتلكات العامة وخاصة الظاهرة للعيان، وقد أمعن فيها تدميرا وتخريبا ولهوا وتكسيرا وصارت مشوهة، ولا فائدة ترتجى منها، مثل اسيجة الحدائق التي حُطمت او اقتُلعت، بل وحتى الأشجار لم تسلم، حين هُشمت بمعاول الكره والبغض وكُسرت واقتلعت من مكانها.
وطال التخريب مصاطب الجلوس في الحدائق والمتنزهات، والتي صارت عرضة لجميع أنواع الهدم والازالة وأضحت مجرد هياكل موضوعة وسط الخرائب.
ناهيك عن رمي المحولات الكهربائية بالحجارة واقتطاع أجزاء واسعة من الأسلاك الكهربائية، بل وصل الأمر حتى إلى التماثيل المنتصبة في الشوارع والساحات العامة، حين تكتب عليها عبارات لا علاقة لها بالذوق العام او تخريب أرصفتها.
أما الشوارع فاقتلع أسفلتها، بفعل التجريف والحفر والمياه التي تغمرها ليل نهار، وباتت الأرصفة تئن من وطأة الألم والوجع.
وهي تصرفات مرفوضة حتما من المجتمع، خاصة نحن نتطلع إلى نشر ثقافة الحفاظ على أموال الدولة، باعتبارها أحد أهم عناصر الانتماء والوطنية.
إنها مأساة أن يعبث المرء بممتلكاته، التي هي بالتالي ممتلكات الجميع.
الا أن الذي يقدم على التخريب لا يشعر بأدنى مسؤولية أو وخزة ضمير، لأنه فاقد ذلك الشعور لأسباب عديدة، منها التربية الأسرية وعدم احترام الأموال العامة، التي ينظر اليها وكأنها عائدة للحكومة، وهو الخطأ الشائع الذي يرتكبه المخرب.
إن تفعيل الشعور بالحرص وحماية هذه الممتلكات يحتاجان إلى إرشاد قوي من المدرسة والبيت والمؤسسات الأخرى الرديفة في بث الإرشاد والتوعية المؤثرة حتما.
إن غياب القانون يؤدي إلى إشاعة فوضى العبث المقصود، وبالتالي يمكن تطبيق القوانين الخاصة بتخريب الممتلكات العامة، والذي اعتقد أنه سيحدّ من هذه الظاهرة المشينة، والتي باتت تسري كالنار في كومة قش، لا سيما أن من يفعلها يستطيع التأثير في أقرانه، الذين يشعرون بالغيرة ويفعلون الأسوأ ربما.
إن تفعيل الرادع القانوني ومن قبله الرادع الأخلاقي كفيلان بإشاعة ثقافة الحفاظ على الممتلكات العامة، واعتبارها ملكا للكل وليس لفرد بعينه.
والقانون العراقي اشتمل على عقوبة تخريب الممتلكات العامة وخاصة ما منصوص في المادة (197) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969، التي نصت على أن تكون عقوبة تخريب الممتلكات العامة في القانون العراقي الإعدام أو السجن المؤبد، كلَّ من خرب أو هدم أو أتلف أو أضر أضرارا بليغة عمداً في مبانٍ أو أملاكٍ عامة أو مخصصة للدوائر، والمصالح الحكومية أو المؤسسات والمرافق العامة.