تواجه القطاعات الصناعية في العراق معرقلات ومصاعب جمّة، أبرزها توفر الوقود، وأن مجرد وجود شكّ بأن الحكومة سترفع يدها عن دعمها، قد تشلّ ما تبقى من مصانع البلاد، ومنها مصانع المواد الإنشائية كالسمنت والطابوق والجص وغيرها، بسبب رفع أسعار النفط الأسود المجهز لتلك المصانع الى ثلاثة أضعاف ما كان عليه قبل عام، ما يهدد الكثير من المصانع، لا سيما الخاصة منها بالإغلاق ويهدد آلاف العاملين بالبطالة.
ففي الوقت الذي أكدت فيه وزارة النفط أن قرار زيادة أسعار وقود زيت الغاز “النفط الأسود”، المجهز الى مصانع ومعامل الاسفلت لا يعني إلغاء الدعم الحكومي عنها، بل الإبقاء على نسبة دعم يفوق نسبة 70 % مع الاسعار الجديدة ، قال رئيس جمعية مصنعي السمنت المهندس ناصر المدني، إنه في أقل من سنة واحدة صدرت ثلاثة قرارات من وزارة النفط بزيادة الأسعار بشكلٍ تصاعدي وأضاف، إن “أول قرار تمَّ رفع لتر النفط الأسود فيه من 100 الى 150 ديناراً، وثاني قرار من مئة وخمسين الى مئتين وخمسين دينارا، وثالث قرار من مئتين وخمسين الى ثلاثمئة وخمسين دينارا، وقد راجعنا وكتبنا عن طريق الوزارة وعن طريق الجمعية، مستدركاً هددونا بأنه ستتم زيادة المبلغ الى خمسمئة دينار للتر الواحد، وربما هذه الزيادات السعرية غير المدروسة تعد بمثابة طامة كبرى للصناعة الوطنية سواء القطاع العام أو الخاص.
من جهته قال عادل عكاب رئيس اتحاد الصناعات العراقي، إن الورقة البيضاء بحسب ما تم تبليغنا تعتمد وزارة النفط على فقرة فيها أن ترتفع هذه الأسعار سنوياً، والمصانع الحكومية تهيكل نفسها بعد أربع الى خمس سنوات، مضيفاً، أن الدولة ملتزمة برواتب الموظفين في القطاع العام، ولكن القطاع الخاص من الذي يلتزم بتأمين رواتبهم ومن يعيل هذه الأسر، وأشار عكاب الى تصريح وكيل وزير العمل الذي أفاد فيه بتسريح أكثر من سبعة آلاف عامل من القطاع الخاص خلال يومٍ واحدٍ فقط، الأمر الذي قد يتكرر مع عشرات آلاف العمال في مصانع السمنت الوطنية.
وذكرت وزارة النفط في بيان لها أن السعر الجديد المجهز من النفط الاسود لمعامل الاسفلت لا يشكل سوى نسبة 30 % من سعر الطن الواحد في الاسواق العالمية، بحسب النشرة المعتمد، كما تنفي شركة توزيع المنتجات النفطية اية زيادة جديدة في اسعار غاز الوقود (الكاز) للمولدات السكنية ،وتؤكد الابقاء على اسعارها لهذه الشريحة، مبينة أن المتغيرات السعرية في سوق النفط العالمية تدفع القطاع النفطي الحكومي الى معادلة الاسعار بين الداخل والخارج للحد من التهريب .
مدير عام التنمية الصناعية عزيز ناظم، عبّر عن أسفه لصدور مثل هذه القرارات، موضحاً من المؤسف ان وزارة النفط أصدرت قرارات متعاقبة للزيادة، وهذه الزيادة أدت الى ارتفاع كلف المنتوج وبالتالي عدم جدوى اقتصادية في إنتاج السلع وتحميل المواطن أثمانها، فما الفائدة من ذلك؟.
وأضاف هذا لا يعني فقط تحقق زيادة في كلف صناعة مادة السمنت، بل المواد الأخرى أيضاً، كالمنتجات التي تعتمد على النفط الأسود، ومنها الإنشائية كالطابوق، الجص، الأسفلت المؤكسد ومنها منتوجات أخرى كالماستك، فجميعها ستزيد على المواطن وترهق ميزانيته.
مثّلت الورقة البيضاء إحدى وسائل الحكومة في تحسين المنتوج المحلي وتعطيل الاستيراد ودعم المصانع والعاملين فيها، لكن بنودها تبدو مختفية خلف قرارات مفاجئة تطعن في صناعة البلاد وتفتح الباب على مصراعيه أمام الاستيراد.
من جهتها أوضحت شركة تسويق النفط ان قرار المجلس الاعلى لمكافحة الفساد المتخذ بمنتصف عام 2019 حصر عملية بيع منتوج النفط الاسود بشركة تسويق النفط .
واضافت ،منذ تاريخ 2019/12/1 تولت شركة تسويق النفط مهام تصدير المنتجات النفطية الفائضة عن الحاجة المحلية (بضمنها منتوج النفط الاسود)، حيث يتم بيع المنتوج على اساس مطروح منطقة المخطاف في المياه الاقليمية العراقية، بناءً على النشاط المخول للشركة من قبل وزارة النفط ببيع المنتوج، استناداً الى مؤشر سعر المنتوج مطروح الخليج العربي المنشور في نشرة بلاتس العالمية للاسعار، مضافاً له علاوة سعرية تعكس قيمة المنتوج في السوق العالمية.
واستطردت تحدد تلك العلاوة استناداً الى العروض التنافسية المقدمة من قبل الشركات للحصول على شحنات المنتوج ، وتبلغ العلاوة السعرية 27.5 دولار/ طن مع العرض، وأن هذه الآلية في البيع تم اعتمادها منذ 2019 وقد حققت العديد من المزايا لصالح البلد، منها تصريف كامل الكميات المتاحة من المنتوج لغرض التصدير والتي تراوح معدل الكميات المصدرة خلال عامي 2020 – 2021 بحدود (7) ملايين طن سنوياً، فضلا عن تحقيق افضل العوائد المالية من خلال منافسة كبرى الشركات العالمية والعراقية لشراء المنتوج
(على سبيل المثال لا الحصر – بحسب البيانات الاولية- بلغت ايرادات بيع منتوج زيت الوقود للعام 2021 بحدود 3 مليارات دولار).
المصدر: جريدة الصباح