برغم استجابت العراق لمتطلبات الانضمام لاتفاقية الأمم المتحدة وحضوره في مؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد، وفي الوقت الذي تسعى به الدولة لاسترداد الأصول المهرّبة من أموالها من دول مختلفة، تمتنع دول كثيرة عن التعاون والاستجابة في ملفات الاسترداد للأموال العراقية المستثمرة او المكتنزة في تلك الدول، عدم اعتماد الدول الموقعة على الاتفاقية كأســاس قانوني لغــرض الاســتجابة لطلبــات العراق في استرداد أمواله المنهوبة يخالف المادة(62) من الاتفاقية التي الزمت الدول الأطراف باتخاذ تدابير تساعد على التنفيذ، تحفظ بعض الدول على سراق ومهربين لأموال طائلة نهبت بطرق ووسائل مختلفة ووضع العراقيل امام استرداد تلك الأموال، بحاجة الى وقفة واجماع على قرار عراقي خالص للتعامل مع الدول الغير متعاونة في استرداد الأموال العراقية، اما الوسائل المساعدة على اتخاذ مثل هكذا قرار فهي كثيرة ومتنوعة وتشكل وسائل ضغط قوية، اذا أرادت الدولة ذلك، ترك المسؤولية على هيئة النزاهة لوحدها في تعقب تلك الأموال لن يأتي بنتائج كبيرة وربما لا يجدي نفعا يؤتي ثماره أو يتناسب مع حجم الأموال المهربة، لأن القضية تتعلق بدول تمتنع وليس مؤسسات، في العام 2021 اعلن الرئيس العراقي برهم صالح عن تقديمه مشروع قانون استرداد عوائد الفساد إلى البرلمان، في سعي لاسترداد ما يقارب 150 مليار دولار نهبت خلال سنوات ما بعد 2003، أما لجنة النزاهة النيابية فكانت قد قدرت حجم الأموال المهربة من قبل بعض الفاسدين خلال الـ18 عاما الماضية بنحو 350 مليار دولار، أي ما يعادل 32 % من إيرادات العراق خلال هذه الأعوام، في حقيقة الامر، الحكومة العراقية لا تعلم الحجم الحقيقي للأموال المنهوبة، خصوصا  أن جميع التصريحات الحكومية تفتقر إلى المصادر والإحصائيات المالية، ولم تستند إلى معلومات المصرف المركزي العراقي وحجم الموازنات وحساباتها الختامية والفائض المالي طوال السنوات السابقة، وبرغم أن مسألة استرداد الأموال المهربة ليس باليسيرة وتستلزم اتفاقيات ثنائية مع الدول المعنية، لكن الإشكالية الحقيقية تتمثل بضرورة اتباع العراق الخطوات القانونية، التي تشمل إجراء تحقيقات قضائية محلية تصل إلى أحكام قضائية قطعية، وبعد تلك المرحلة يجب على الحكومة ووزارة الخارجية مخاطبة الإنتربول الدولي ووزارات الخارجية الأجنبية من أجل الشروع في الإجراءات القضائية بتلك الدول، الكثير من الإجراءات وصلت إلى مراحل متقدمة، غير أن إعادة محاكمة بعض الفاسدين أدت لتبرئتهم أو غض الطرف عنهم لاعتبارات سياسية او غيرها، ما يقتضيه الأمر على الدولة العراقية هو استغلال اتفاقيات أخرى مثل اتفاقية غسيل الأموال للعام 2005 واتفاقية التعاون مع اميركا وفق المادة 27 أو حتى استغلال المادة 50 من ميثاق الأمم المتحدة في حق الدول بملاحقة أموالها المهربة الى الخارج، وصولا إلى مرحلة ممارسة الضغوط بأشكالها المختلفة على الدول المتمنعة .