ثلثٌ ضامنٌ وآخر معطِّل

حسين الذكر

بعد سنوات عجاف من نظام الحزب الواحد دامت أربعة عقود تقريبا لمدد حكم سميت (بالنظام الدكتاتوري)… الى عقدين من زمن أعجف جلّ مأساته تكمن في أنه جرى تحت شعار ديمقراطي.. فلو كان امتدادا لما قبل 2003 لما كان النقد ذا فائدة تذكر.. باعتبار أن المسألة طبيعية وتنسجم مع مخرجات حكم التفرد.. في حين ينتشر الفساد وتعم الفوضى ويتراجع الدور الحضاري والثقافي للعراق بمستوى غير مسبوق وبملفات معروفة وتحت عنوان نظام المؤسسات والمشاركة والتوافق.. فهذا يشكل قمة البلاء او تلك المأساة التي تتجلى بالضحك من شر البلية..
حينما نعود لسنوات خلت ودورات انتخابية مضت في العراق لوجدنا أن الديمقراطية أقرب للشعار منها للممارسة والإيمان بها.. فإنّ النتائج الانتخابية الماضية شهدت فوز إبراهيم الجعفري الذي أجبر على التنازل لخيار المالكي.. ثم فاز إياد علاوي من دون قدرة تشكيل الحكومة.. ومن ثم فاز المالكي في حين شكّل العبادي الحكومة.. ثم حلت حكومة عبد المهدي بتوافق الفائزين من دون أن يستطع إكمال سنواته الأربع بعد تعثر العجلة ومعالجتها عبر التظاهرات التي أفضت الى وصول الكاظمي بالتوافق بين الكتل الأكثر عددا.. ثم جرت انتخابات وفقا لنظام انتخابي جديد وأجواء تفاؤلية.. بإمكانية أكبر من ذي قبل للحل والإصلاح.. إلا أن الانتخابات التي أعلن الصدر فائزا فيها لم تفضِ الى تشكيل حكومة الفائز ورؤيته في ظل مواد دستورية عطلت ذلك في ثلث سمّاه البعض ضامنا، في حين أطلق عليه آخرون معطلا.. وهو شبيه في المادة الدستورية التي لا تسمح بتغيير أي فقرة بالدستور إلا بموافقة ثلثي ثلاث محافظات..
العملية برمتها لا تعني الناخب من ناحية الأسماء والأرقام والشعارات.. فالنتائج على الأرض هي الأهم.. المواطن يريد الخبز والوظيفة والخدمات والأمان والاستقرار والعيش الطبيعي كبقية – خلق الله – وليطلقوا ما شاؤوا من تسميات وعناوين على أي نظام وحكومة يمكن لها أن تؤمن للشعب مطالبه المشروعة والمعروفة بلا لف ودوران..
فمظاهرات تشرين لم تكن مجرد أرقام خرجت الى الشوارع.. وإن أفاد منها البعض.. بقدر ما هي صوت شعبي حقيقي خرج من أجل الإصلاح.. والإصلاح هنا ليس تبديل أسماء وعناوين بغيرها.. بل هو إجراءات على الأرض تضمن سلامة وسلاسة النهج والحياة التي يمكن من خلالها تأمين الكل الضامن للشعب وأجياله وليس فقط الثلث النيابي الضامن او المعطل.. المخرجات والنتائج المتلمسة على أرض الواقع هي الفيصل والقرار والمعول.. والله من وراء القصد وهو أرحم
الراحمين!!.

 

المصدر : وكالة الانباء العراقية