الأمن والاقتصاد المستدام بعد قمة جدة

 د. محمد وليد صالح 
 
أسدل الستار عن قمة جدة للأمن والتنمية بحضور روؤساء دول وحكومات مجلس التعاون لدول الخليج العربية والأردن ومصر والعراق والولايات المتحدة، لتأكيد شراكتهم التأريخية وتعميق تعاونهم المشترك في المجالات كافة، حول هدف منشود في بلورة خارطة سياسية للمبادرة العربية لدعم جهود المصالحة، واعتماد ستراتيجية التضامن والعمل العربي المشترك، ورسم صورة جديدة لمعالجة إشكالية الواقع العربي وتصدعه، مع التأكيد على الالتزام بالتضامن وتسوية الخلافات العربية بالحوار البنّاء وتعزيز العلاقات، فضلاً عن تحديث منظومة العمل العربي المشترك، بما يتلاءم والتحديات الراهنة والمستقبلية التي تواجه أمنها القومي والتنمية الاقتصادية المستدامة وسلام الشرق الأوسط.
إن تضمن البيان الختامي الصادر عن القمة الإشادة بدور العراق واستعادته لحجمه الطبيعي وسط الأسرة الدولية، ودعم جهود الحكومة العراقية في التحرك على المحيط الإقليمي والعالمي، وكذلك التطور الذي شهده مؤخراً وزيارات الوفود العربية والأجنبية، ورغبة في زيادة التمثيل الدبلوماسي لقسم من الدول وفتح سفاراتها، دليل احترام متبادل، لم يكن متوافراً بحجمه الحالي، وإن عودة العراق للمحافل الدولية يعد فاتحة أمل جديدة، لا بدَّ أن يستثمرها جميع الأطراف، من أجل صياغة واقع جديد للعلاقات الخارجية العربية بالشكل المتوازن والمناسب، لا سيما أن استضافة العراق لاجتماع القمتين الدوليتين في العامين المنصرمين، دليل على مستوى الأهمية التي يتمتع بها.
لتطوير التعاون والتكامل الإقليمي والمشاريع المشتركة بين دولهم بما يسهم فى تحقيق التنمية المستدامة، والتصدي الجماعي لتحديات المناخ من خلال تسريع الطموحات البيئية، ودعم الابتكار والشراكات و مصادر متجددة للطاقة، والإسهام في مجال الربط الكهربائي بين الدول المتحاورة، وأهمية تحقيق أمن الطاقة وأسواقها. 
ومقابل ذلك يتوجب على الدبلوماسية في بغداد أن تحرز تقدماً على المستويات الخارجية والداخلية، لغرض بناء الثقة التي بدأت تأخذ مساراً مرحباً به في العلاقات الخارجية، تضمنت استعداد العراق للتعاون مع محيطه العربي والإقليمي، وفق مبدأ المصالح المشتركة والاحترام المتبادل، مما يفيد بأن سياسة العراق الخارجية بدأت تشهد انفتاحاً سياسياً على جميع الدول بالتوازي.
فالمتابع لمجريات أعمال انعقاد القمة العربية، يجد أن العلاقات العربية أخذت تنحى منحى جديداً لخدمة المصالح المشتركة، وان حالة تبدل قسم من المواقف من الانقطاع الى التواصل، يؤشر الى مدى التقدم الحاصل، وبالتالي فإنه يسهم في معالجة التردد الحاصل في مواقف قسم من الدول، التي تعاني علاقاتها من حالة التراجع نتيجة الظروف السياسية الدولية، من أجل الوصول إلى تماسك جسد المجتمع العربي المعاصر.