أزمة لبنان تطيح بأموال عراقيين فاسدين

وصف خبراء في مجال مكافحة الفساد الأزمة الماليَّة اللبنانية بأنها “رصاصة الرحمة” على الفاسدين في العراق وأموالهم المودعة هناك، ورأوا أنَّ ما جرى الحديث عنه في الوكالات الإخبارية الدولية عن تبخّر ملايين الدولارات المودعة في البنوك اللبنانية بعد إعلان مسؤولين هناك “إفلاس لبنان” وعلاقة ذلك بالأموال التي هرَّبتها مافيات الفساد من العراق، يشكل فضيحة جديدة تكشف عن مدى الفساد المستفحل في البلد.
وقال رئيس “شبكة النهرين لدعم النزاهة والشفافية” محمد رحيم الربيعي، عضو ائتلاف اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، لـ”الصباح”: إنَّ “الأزمة المالية التي عانى منها لبنان منذ 3 أعوام، شكّلت ضربة كبيرة لجميع الفاسدين الذين هرّبوا أموالهم من العراق ووضعوها هناك”.
وأضاف أنَّ “الأموال يعود أغلبها إلى فاسدين عراقيين تسلموا مناصب حساسة طوال الفترة الماضية، أو أحزاب سياسية هرّبت النفط والثروات الطبيعية وما شابه، وأودعت تلك الأموال في المصارف اللبنانية”.
وبين الربيعي أنَّ “الموضوع شمل أيضاً صغار الموظفين الذين أودعوا مئات الآلاف من الدولارات نتيجة عمليات مشبوهة في هذه البنوك”، مشيراً إلى أنَّ “مافيات الفساد عملت على ابتزاز تلك المصارف بعد أن أغلقت بشكل تام دون جدوى، ومثل إعلان الحكومة اللبنانية مثل هذه القرارات (رصاصة الرحمة) على الفاسدين العراقيين وأموالهم الموجودة في المصارف اللبنانية”.
أما الخبير الاقتصادي مصطفى أكرم حنتوش، فقد عزا أسباب إيداع أموال السياسيين والتجار العراقيين في بيروت إلى “سهولة تهريبها وغسيلها”.
وقال حنتوش لـ”الصباح”: إنَّ “اعتماد مبدأ عدم المساءلة عن غسيل الأموال في المصارف اللبنانية حفز سياسيين وتجاراً على إيداع أموالهم هناك، وجعل للبنان حصة الأسد من تلك الأموال”.
أما الخبير المالي اللبناني نسيب جبريل رئيس قسم البحث والتحليل الاقتصادي في مجموعة بنك “بيبلوس”، فقد بين أنَّ جميع المودعين سواء كانوا لبنانيين أو أجانب تضرروا بالأزمة التي حصلت في أيلول 2019 جراء شح السيولة في المصارف اللبنانية والقيود التي وضعت على استخدام الودائع والسحوبات.
وقال جبريل لـ”الصباح”: إنَّ “التعسر في تسديد الالتزامات بالعملات الأجنبية للسندات السيادية، زاد من شح السيولة ومن القيود على السحوبات المصرفية”.
وأضاف أنَّ “هناك مسؤولية لإعادة رسملة مصرف لبنان حسب قانون النقد والتسليف في البلد، ولا يمكن للسلطات أن تحمل المودع في القطاع المصرفي اللبناني جزءاً من هذه الخسائر بغض النظر عن جنسيته”.
وكانت تقارير نشرتها وكالات عربية ودولية قدرت حجم الأموال العراقية المودعة بشكل غير رسمي في المصارف اللبنانية بقرابة 18 مليار دولار، بينما رفعت تقارير أخرى التقديرات إلى أكثر من 50 مليار دولار.

المصدر : جريدة الصباح